التحقيقات

التعميمات والتصنيفات المطلقة ولعبة السياسة الآنية \ كتب اسامة اسماعيل

مشكلة الكثير من الناس هي في خطابهم وأسلوبهم واتجاههم الذي ينحو منحى التعميم والتصنيفات المطلقة والأحكام المسبقة والجاهزة في تناولهم موضوعات الدين والسياسة والمجتمع. وهذا المنحى يقوم على الإيديولوجيا والعواطف الجماعية ولعبة السياسة الآنية الدولية _الإقليمية _المحلية التي تضع السلطة والزعامة والسيطرة والنفوذ والثروة في أولى أولويات أهدافها، فتلغي خصوصية الفرد وقيمته وتجعل  سلوك مجموعة أفراد قلوا أم كثروا ممثلاً لجميع الأفراد من هذا العرق أو ذاك أو من هذا الدين أو المذهب الديني أو ذاك أو من هذه الدولة أو تلك رغم أنهم يمثًلون أنفسهم والتابعين لهم.
لعبة السياسة الدولية، الإقليمية، المحلية توظّف الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والإعلام لخدمتها فتفرض التعميمات والتصنيفات المطلقة والصور النمطية، فتقول إن الغرب كله هكذا أو العرب كلهم هكذا أو المسلمين كلهم هكذا أو المسيحيين كلهم هكذا... فليس كل الأفراد يوافقون على هذه المعتقدات والمناسبات والعادات والطقوس وأنماط السلوك والمظاهر. و في الأديان كلها تحريفات وشوائب ولكن، بنسب متفاوتة، وفيها أيضاً فوارق مذهبية. ولايوافق الأفراد كلهم على هذه التحريفات والشوائب والفوارق المذهبية التي تهتم بها السلطات الدينية المذهبية والأحزاب المذهبية والطائفية وتشجعها. وتصور اللعبة السياسية الدولية الخلافات والصراعات بأنها بين الغرب والشرق أو العرب والإسلام أو بين المسيحيين والمسلمين أوبين السنة والشيعة أو حتى بين اليهود والمسلمين أو بين هذه القومية وتلك رغم أن الإختلاف موجود داخل المجتمعات الغربية والعربية وبين المولودين على المذهب ذاته.

وليس كل المولودين على هذا المذهب أو ذاك يوافقون على جميع المعتقدات والمناسبات والعادات والطقوس والمظاهر الموجودة في هذا المذهب أو ذاك، وليس كلهم تابعين للسلطات الدينية المذهبية والأحزاب المذهبية والطائفية كما أن الحركة الصهيونية لاتمثل جميع اليهود في العالم وإن ادّعت أنها أنشأت وطناً قوميا”لهم في فلسطين، وهنالك معارضون لها ولهذا الكيان بين اليهود. فتصوير الصراعات والخلافات واختذالها بالصراع بين الأديان والمذاهب والقوميات يضرب قيمة الفرد وخصوصيته وحقه في الخروج من حالة القطيع الإجتماعي المذهبي والطائفي والعشائري والحزبي والشعبي وعدم الإلتزام به، وحقه في الإختلاف و التمايز عن الآخرين على أساس العقل وإلارادة الفرديين. ومن فترة إلى أخرى تفتعل أحداث وأزمات لإعادة ترسيخ ماكانت قد رسخته سابقاً اللعبة السياسية الدولية في الأذهان والنفوس عبر سلسلة من الأحداث والأزمات والحروب تمتد إلى أكثر من قرن. فبعض هذه الصراعات وهمي وبعضها الآخر نصفه وهم ونصفه الثاني حقيقة مخبأة ومجتزأة. فهذه الصراعات الأوهام والحقائق المجتزأة تستغل من قبل دول وسلطات وأحزاب ومنظمات ومجموعات وحتى أفراد لأجل غايات الزعامة َوالسلطة والنفوذ والثروة والشهرة والنزوات والمتع و الإحتلال والتوسع. هذه الصراعات الأوهام والحقائق المجتزأة عززت التعميمات والتصنيفات المطلقة والصور النمطية والأحكام المسبقة التي تضع جميع الأفراد رغماً عنهم في القطيع الطائفي والعشائري والحزبي والقومي والشعبي مقابل قطيع آخر وتلغي العقل وإلارادة الفرديين والعاطفة والرغبة الفردية والمصلحة المادية الفردية وتستعمل وسائل الإعلام والتواصل التابعة والمسيّسة والتقليدية والشعبوية في هذا السياق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى