المقالات

كرمال عين الحلوة … تكرم مرج عيون…كتب الإعلامي الدكتور باسم عساف

  
          *قضية النازحين السوريين ، التي باتت تقلق المسؤولين اللبنانيين ، بعدما أصيبوا بالهذيان من بيان مجلس الآتحاد الأوروبي ، الذي يشير إلى إستمرار وجودهم في لبنان ، وعدم ترحيلهم طوعاً أو كرها ، وأي تعدٍّ أو تجاوزٍ لهذه المقررات تعتبر بمثابة إعلان الحرب على الإتحاد ، من باب الحرب على النازحين وتقييد تواجدهم أو عمالتهم ، أو إنفلاشهم بالمدن والبلدات اللبنانية ، للقيام بأعمال تجارية أومهنية ، أو خدماتية في الورش والمؤسسات والبيوت ، أو محاولات دمجهم بالمجتع اللبناني تربوياً وصحياً وإجتماعياً ، عبر قوننة عمالتهم أو مشاركتهم بهذه الأعمال غير المنضبطة ...*
        المثل الشعبي يقول : *(لماذا تنفخ على اللبن ؟؟؟ قال : لأن الحليب كاويني !!!)* ، والحديث يشير إلى ذلك بنفس التعبير : *(لا يُلدغ المؤمِن من جُحرٍ مرتين..)* وهذه الأقوال والمواقف التي تؤخذ بناءً عليها ، تقود إلى الحذر وتوقي الحيطة من الوقوع بنفس الحفرة العميقة التي وقع بها لبنان إثر النزوح الفلسطيني إليه ، إثر العدوان اليهودي على أرض فلسطين والقيام بمجازر تهز الرأي العام بجرائمهم وسفكهم للدماء البريئة دون تحريك ساكن ، أو غِيرِة ضمير ،  يتغنى به مدَّعو حقوق الإنسان ، ومن دون رقيب أو حسيب لليهود فقط ، كما تشير إليه أرقام الفيتو في مجلس الأمن الدولي ، وكأن الفيتو قد أوجدوه كشرعة دولية خصيصاً وفقط للدويلة اليهودية الغاصبة لأرض فلسطين ....
      *بالطبع... فإن هذا البلد المتنوع الإثني ، والصغير الحجم الجغرافي ، وقليل الموارد الطبيعية والصناعية والإقتصادية... ينوء تحت أثقال وأعباء الخدمات على أكثر من صعيد ، وفي أكثر من مجال قد يشكل النزوح الأخير على حجمه وثقله ، نسبة إلى ما قبله ، الذي تحول إلى لجوء شبه دائم ، وكما كان اللجوء السابق من أرمينيا وكردستان والعراق واليونان وغيرها... وهذا كله قد زاد الأحمال والمتاعب على الدولة اللبنانية ، حيث كانت تركيبة لبنان الكبير وحيثياته الإثنية لضم كل هؤلاء في تشكيلة (بازلية) لإراحة الحلفاء من هموم تموضعهم في الماضي والحاضر ليستتب لهم الوضع بالمستقبل ، الذي يلوح بتنفيذ خارطة الطريق في المنطقة العربية والشرق الأوسط الجديد ، والتي تعتمد على التقسيم الإثني ، وعلى أساس طائفي ومذهبي وعنصري ، بدءاً من الكيان اليهودي إلى آخر مجموعة مبتدعة بالمنطقة ...*
        إن ما يشهده مخيم عين الحلوة من إقتتال عبثي ومستغرب بهذه الحدِّية والعنفية ، التي تؤدي إلى النزوح القسري للأهالي والسكان القاطنين فيه إلى مدينة صيدا وضواحيها من البلدات اللبنانية المجاورة ، لتزيدنا في لبنان أزمة تراكمية على سابقاتها ، لينوء كل لبناني من الضغوطات المالية والإقتصادية والخدماتية ، إن لم نذكر الأمنية والفوضى والفساد المستشري على كل الصعد ،و مما يدخل لبنان في أتون الصراعات الإقليمية وليست المحلية فقط ، ولتشهد ساحته الصراعات في المنطقة وأنظمتها على حساب مواطنيه ، الذين يتحملون نتائج كل التسويات بالمنطقة...
      *كل المصالح الفئوية أو الطائفية أو الحزبية قد تلتقي على حصصها ، وتتقاسم المغانم من نتاج توزيعها وفق الخارطة المفروضة على ما يسمى الشرق الأوسط الجديد ، والأنكى من ذلك بأن أيادي وأدوات متحركة من صميم أبناء المنطقة العربية ، ومن أساس أبناء القضية يساهمون في تنفيذ خارطة الطريق ، التي تؤدي إلى شرذمة الأمة وأراضيها وشعوبها ، في أكبر عملية تطبيع فكري يغري النفوس بمراكز القوى أو الوصول إلى السلطة، من هنا أو هناك ، ولو على منطقة أو مخيَّم أو حيٍّ من الأحياء ، وضمن حرب نفسية مخطط لها مسبقاً ، ليتفشى الصراع من خلال السلطة والمال ، (كل حزبٍ بما لديهم فرحون) وقد نسوا أو تناسوا القضية المركزية ، والتحرير تحت شعار (إنها لثورة حتى النصر )...*
        العبرة بردات الفعل ، دوماً تأتي بعد الفعل ، وبعد أحداث يشهد عليها كل من إعتبر ، ومخيم عين الحلوة اليوم يشهد الأحداث الدامية بسلاح المقاومة ، الذي أخذ شرعيته بإتفاق القاهرة ، بأنه ضد العدو الإسرائيلي الغاصب لفلسطين العزيزة ، وبالطبع لن يكون شرعياً إن تحول إلى الداخل وإلى صدور الأخوة ، والتقاتل بين أبناء القضية الواحدة ، وبعد الدمار والخراب والقتلى والجرحى والنازحين ، لنتعلم منها العبرة ،وكأن البارد وتل الزعتر وصبرا وشاتيلا...غير كافية ، والزمن يمضي علينا بالملهاة ودحرنا، والوقت يمَرِّر المؤآمرات على أمتنا وشعوبها ، وسريان مخططاتهم بتطبيق خارطة الطريق لسلامهم وأمنهم وهيمنتهم ...
        *أفضل العبر ، أن يعي المتقاتلون في عين الحلوة ، أن كل رصاصة تطلق فيه على أي عنصر عسكري أو مدني ، هي فرحة للأعداء ، ومدعاة للإستهزاء ، من جميع شعوب العالم ، على من يتبجح بقضية مركزية لمقاومة الإحتلال ، بينما هم في صميم الإختلال ، وفي عرين الإعتلال ، ويسيرون إلى الإذلال ، وسوف يبكون على الأطلال ، لأنهم لم يفَرِّقوا بين الحرام والحلال ...*
        العيون اليوم ، شاخصة وشاهدة على مخيم عين الحلوة ، وما يجري فيه من تنفيذ أجندات خارجية ليست من مصلحة أبنائه وفصائله ، بشتى ألوانها وأطيافهاومشاربها ، والعبرة مما سبق وليس مما يلحق ، *(والحكمة ضالة المؤمن ، أنى وجدها إلتقطها )* ، من دون أن نكرر دوماً : *(أكلت يوم أكل الثور الأبيض)* ، ومن دون أن تتملك القوى الخارجية ، ما يدور في الأحياء الداخلية ، والمسألة لا تستأهل العناد بالتقاتل ، إنما التضامن بالتعامل ، والتفاهم بالتفاؤل ، والصلح خير وهو سيد الأحكام ، *وكرمال عين الحلوة ، تكرم مرج عيون ....*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى