المقالات

صَوتُ الحَق …. لا يُسحَق …كتب الإعلامي د. باسم عساف

  *تتسارع الأيام مع هذا الزمن الرديء ، الذي أطلق عليه عصر السرعة ، وفيه تتعاقب كل الأمور بالإعتماد على الشكليات التي تتماشى مع المصالح وتحقق الغايات ، دونما الأخذ أو التمسك بالمبادئ والقيم والمُثُل العليا ، التي جاءت مع الرسالات السماوية ، ومع الشرائع التي وُضعت لخير الإنسان وإستقامته وعيشه الكريم ، في دنيا الإحترام بين البشر ، المبني على الصدق والعدل والأخوة ، وهي التي تبني المجتمعات الحضرية على أسس متينة ، بالعلاقات الأخوية المعتمدة بأصولها وفروعها على المبادئ و العقائد السليمة والصحيحة ، التي تسير على الطريق القويم ، حيث أراده الشارع والبارئ عزَّ وجلّ للبشرية جمعاء ...*
    تأتي مسارات الأيام لتكشف أن القلّة القليلة من البشر باتت تسير وتتقيُد بهذه المبادئ والقيم والعقائد ، لكثرة ما تتشابك الشؤون الدنيوية فيما بينها وتتسارع خطواتها لتحقيق المصالح الشخصية والأنانية وزيادة المكاسب المادية ، التي تغري الأنفس على حساب العقل ومتفرعاته بالإستخدام السوي ، الذي يسلك الطريق القويم بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأن يكون مسار الإنسان طبقاً لما أراده الخالق لمخلوقه ، من إتِّباع التعاليم وأدائها بما يُحقق الغاية من الخلق ، وهي العبادة المرتكزة على تطبيق التعاليم في الرسالات السماوية...
  *إن من أخطر الآفات في مجتمعاتنا الشعبية أن تنتشر المخدرات بسرعة مذهلة ، وتعاطيها المنتشر في كل مكان ، دون رقيب ولا حسيب ، حتى لو لمحنا مشاهد الإعتقالات الشكلية لبعض المتعاطين والتجار الصغار ، الذين لا يستديم وجودهم في الإعتقال أكثر من أيامٍ معدوداتٍ ، ولكننا لا نرَ أبداً مشاهد الإعتقالات للتجَّار الكبار ، أو المُصنِّعين لها أو إقفال المصانع ، وأمكنتها معروفة لدى الأجهزة والمسؤولين ، الذين تدور حولهم علامات الإستفهام العديدة ، ودون إتخاذ أي تدبير بحقهم ، وهم يقتلون شعباً بأكمله ، وليس نفساً واحدة قد يٌتَّخذ بحقِّها الجزاء العادل ...*
  إن من أقسى الآفات على حياة الإنسان ، تلك التي تتعلق بصفات المنافقين ، وفي مقدمتها الكذب (إذا حَدَّث كذب ) والنفاق يؤدي إلى الفتن بين الناس ، وتفشي المصائب والإنحراف وعدم الثقة ، وبالتالي تفكك المجتمعات وبلاء العداوة والبغض والحقد ، وهي تشكل الموبقات التي يدخل الشيطان منها إلى النفوس البشرية ، فيغويها بإتباعه والسير في طريقه ، التي تصل إلى أشدِّ العذاب في الدنيا ، وإلى نار جهنم وبئس المصير في الآخرة ...
  *إن آفة الكذب في هذه الأيام لم تعد مقصورة على فئة من الناس ، قد تمتهنه للوصول إلى مصالح مادية ، بل بات الكذب يعُمُّ العديد من الفئآت التي أغواها الشيطان ، للوصول إلى غايات متعددة تدغدغ النفوس للمصالح والأنانيات في مظاهر دنيوية ، ومُغرفةً في الطمع والجشع ، وقد طالت الكبير والصغير من الجنسين ، وطالت كبار المسؤولين وصغارهم ، والأنكى من ذلك أنها طالت من يدَّعي العِفّة والقدوة والدعوة ، ومن يحمل تيجان العلم والعدل والعمل ، وهنا تكمن الطامَّة الكبرى في تخريج الأجيال القادمة ، على أيديهم وتعاليمهم التي تَصُبُّ في درب الشيطان ، الذي أقسم أمام الباري عَزَّ وجلَّ بقوله: ( لأغوينهم أجمعين) ...*
قد قيل أن : (الكذِب ملح الرِّجال) وهذه من العبارات الشيطانية ، لا يفشيها إلا أتباعه ومُريدوه ، كما يقولون (إتَّق شَرَّ من أحسنت إليه) عكس قوله الكريم : (وأحسنوا كما أحسنَ الله إليكم ) وهكذا نجد طرق الحبائل الشيطانية ، قد طغت على الثقافة الرحمانية عندهم ، بفعل الإنحراف عن تطبيق التعاليم السماوية والتقصير الأليم بالدعوة إليها ، وقد يكونوا هم المقصودون بقوله تعالى : ( كبُر مَقتاً عند الله ، أن تقولوا ما لا تفعلون ) ...
  *لذا فإن مقولة( الكذب ملحُ الرجال) غير صحيحة ،لأن الرجال الرجال يكونوا صادقين وأصحاب كلمة وموقف سليم ، وهم رجال الحلِّ والعقد ،  وهنا يصح القول أن( الكذب ملح أشباه الرجال) ، الذين يتصدرون المجتمعات زوراً بصفات القدوة ، وهم الذين يقودون الناس إلى درب الشياطين ، ولهذا فقد ظهر الفساد في البَرِّ والبحر بما كسبت أيدي الناس ...*
    الحقُُ أحَقُّ أن يُتَّبع ، ومهما كان للشيطان وسائله النافذة إلى النفوس الضعيفة ، وإغوائه للعقول السخيفة ، فلا سلطة له على النفوس العفيفة ، ومن يحمل الأيدي والألسن النظيفة ، ومن يُبيِّضُ الأيام والصحيفة ، الذين ينطبق عليهم قوله الكريم : (إلا عبادك منهم المخلصين) ، الذين يتَّبعون الحق ولا يخافون لومة لائم ...
*هؤلاء هم صوت الحق الصارخ ، الذي يُجسِّد القول الشائع :( النصر للباطل ساعة ، والنصر للحق إلى قيام الساعة ) وبالفعل : أن الله أكبر ، على كُلَّ من طغى وتجَبَّر ، وأن صوتَ الحق ، لن يُسحَق ...*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى