المقالات

كتب الإعلامي الدكتور باسم عساف في جريدة الشرق – بيروت :

    *عصر النفاق ....قضى على الوفاق ...*
  *(الكذب حبله قصير ) ذلك المثل والمقولة التي تعكس حقيقة الكذب ، الذي ينكشف لا محالة ، وبوقت قصير ، مهما كانت حبائله مُحكمة ومدبَّرة من أسيادٍ له ، قد إمتهنوا الحِيَل الماكرة لتغطيته ، التي تنطلي على السُذَّج أو الغافلين ، أو الذين يُعطِّلون العقل ، بشتى الطرق الملتوية والمنحرفة عن الحكمة ، التي هي ضالَّة المؤمن ، أنَّى وجدها إلتقطها ، وإلتقط معها طريق الرشاد الذي يوصله إلى الحَقِّ والحقيقة ، التي تدمغ الكذب وتفضح سُبُل إلتواءآته مهما كان إمتداد حبله ...*
    هذا الكذب الذي بات أسلوباً ممتهناً لدى العديد من البشر أكانوا فرادى ، أم كانوا جماعاتٍ في دولٍ ومؤسساتٍ ومنظماتٍ وجمعياتٍ ، ومجموعاتٍ فئويةٍ أو حزبيةٍ أو عنصريةٍ تهدف للوصول إلى غايتها ، ولو تلوَّنت بشتى الألوان أو تغير شكلها بالعديد من الصور والمشاهد ، التي تبدو بمسرحياتٍ دراميةٍ أو فكاهيةٍ ، لتنال ثقة المشاهدين أو المستمعين ، ولتشد الأنظار لما تحيكه من إبداعاتٍ وبهرجاتٍ لتدخل إلى العقول الموجَّهة إليها ، حتى تُفسِدها بالمعلومات والخبريات ، التي توصلها إلى الغاية المنشودة ، مما إستخدمت فيه الوسائل الجاذبة للتصديق والإيمان به ...
    *فمن هذا الكذب على صعيد الدول : ما يجري حالياً على أرض فلسطين السليبة ، من إدِّعاء الكيان اليهودي ، بأنها أرضه ويريد بناء الهيكل المزعوم من أيام مملكة داوود ، وعلى أساس ذلك ، وإستغلال كذبهم ، فقد إتهموا أهل فلسطين الحقيقيين ، بأنهم إرهابيون ويريدون قتل اليهود ورميهم بالبحر ، حيث أتوا عبره من شتات الأرض ،  ليثبتوا كذبتهم الكبرى بإقامة دولة إسرائيل والوطن الفومي اليهودي فيها ...*
    مع هذه الحجَّة المزعومة ، ليمتدَّ كذبهم بإغراءاتٍ للرأي العام العالمي ، بأنهم مظلومون ويواجهون القتل والإبادة والتشريد ، من الوحوش البشرية التي تعتدي عليهم ، فقط لأنهم يريدون إقامة السلام ويعيشون حريتهم ويسعدون بحياتهم ، ولكن الأوباش هؤلاء المتهمون ، لا يريدون لهم ذلك ، ولا يسمحوا بإقامة دولة لهم ، عبر إستخدام الإرهاب والقتل والتهجير ، وهذه الكلمات قد إستداموا عليها ، من بداية وصولهم إلى أرض الميعاد (كما يسمونها ) ،  ومن هنا برروا قيامهم بالمجازر الإبادية لأهل فلسطين ، ونقل المَشاهد والصور على أنهم هم الضحايا ، والتشنيع قائم بهم من الإرهابيين ، لأنهم اليهود الذين قدموا ليحُجُّوا في ديارهم المقدسة ...
*إستمر هذا الكذب ، حتى آخر الأحداث من عملية (طوفان الأقصى) ، التي زلزلت كيانهم وبنيانهم المركَّب على الكذب والإفتراء ، بتصريحات وتشويهات للحقائق ، بأن الإرهاب ضرب الآمنين منهم وذبح لهم أكثر من أربعين طفلاً ، ونشروا ذلك  بوسائل الإعلام في أصقاع العالم ، ومنها جريدة نيوزويك اللندنية وغيرها ، وقد إنطلت على العديد من الدول التي سارعت للدعم والمساعدة ، وأولها أمريكا ، التي صرَّح بذلك رئيسها بايدن ، وكتبت صحفها عن تلك المجزرة الرهيبة ، ولكن حبل الكذِب قصير ...*
    من فمك أدينك ، حيث قامت العديد من نساء المستعمرات ، التي إستُهدِفت بالعملية لتقول : بأن المقاومين لجيش الإحتلال ، قد راعوهن وعاملوهن بأسمى التعامل ، وأكرموهن بالتخفيف عن روعتهن وأطفالهن ، ولم يمَسُّوا أحداً منهنَّ ، لا بالقول ولا بالفعل ، فكانت الفضيحة الكبرى لكذبهم ، ولكذب الرئيس الأميركي والمراسلين بأن إعتذروا للرأي العام فوراً ، وعلى إثرها قامت المسيرات والوقفات التضامنية في شتى بقاع ودول العالم ، ومنها التي هي أشد تأييدا للكيان اليهودي ، المفضوح بالكذب والنفاق ، والمكشوف بهشاشة تبريراته بالإحتلال والإحتيال والإستغلال ...
    *الكذب والنفاق لدى الوجه الآخر للإحتلال اليهودي لأرض فلسطين ولمياهها ، وما تختزنه من إنتاج ومقوِّمات الإقتصاد فيها ، فقد تم إكتشاف الغاز والبترول في شرقِ البحر الأبيض المتوسط ، وبقدرة قادر تمت أكبر مسرحيةٍ هزليةٍ ، من خلال الكذب والنفاق ، التي مارسه أركان الكيان مع الأمريكان ، ومبعوثهم أونشتاين ، مع المنظومة السياسية في لبنان ، وبالخيانة الكبرى البادية للعيان ، بالتنازل وبتشريع مُلكية حقل كاريش لليهود ، وهم يعلمون وجود الغاز فيه بالبيان ، والتنجيم مع العرَّافين ، الفرنسيين والإيطاليين والقطريين ، لوجود آثار الطاقة في حقل قانا من الحفَّاريين ، لِيُتبِعوا البلوك التاسع إلى الرابع الفارغين ، ولا نجد هذا الكذب إلا عند الفاسدين ، الذين يتَّصِفُون بالوصوليين والنفعيين والإنتهازيين ، الذين إغتنوا على حساب اللبنانيين والفلسطينيين ...*
    *( لقد ظهر الفساد بالبحر والبر بما كسبت أيدي الناس)* ، وبات التكاذب هو لغة العصر ، ومعظم العالم باتوا يمتهنون هذه اللغة ، على أساس القاعدة الشيطانية ، التي أطلقها اليهودي ميكيافيللي ، والتي باتت تُدرَّس في كليات العلوم السياسية ، والتي تتبعها معظم الدول والمنظمات الدولية ، خاصة من تدَّعي حقوق الإنسان والمرأة والطفل ، كما حدث للطفل الوديع في شيكاغو من طعنات غادرة ، ولآلاف الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين من قتلٍ غادر ،  وأيضاً بالتباهي بالديموقراطية والحريات العامة ، وهي تتعامى عمَّا يحدث من قصف ٍ وتدميرٍ والحصار المعيشي والإنساني عن ملايين الناس وكبت حرياتهم ، فقط لأنهم من غير الساميين بنظرهم ، ووجوب تطبيق الميكيافيلية بحقهم ، ألا وهي التي يسلك دربها كل المنافقين والكذابين في العالم ، أفراداً وجماعات ، وتنَفَّذ في كل المجتمعات والتي يقول فيها : *( الغايَة تُبَرِّرُ الوَسِيلة)*...
    *وهذا ما ينفذه الكيان المغتصب لفلسطين ، وما يَدَّعيه مجدداً في غزو قطاع غزة، وكل الدول التي تمتهن الإحتلال والإستغلال والإحتيال ، كما إمتهنتها دول الإستعمار ، مع الشعوب المقهورة بالقوة والسلاح ، وكما إستخدمتها إنكلترا مع العربان ، بوعد بلفور ورسائل ماكماهُون ، الذين إرتضوا بالذل والهُون ، وكما يستخدمونه بالتطبيع اليوم أبناء صهيُون ، للإتفاق والوفاق معهم بما يَمتهِنُون ، وغايتهم بالتفريق لغيرهم بما لا يَتّفقُون ، حتى يتكرَّس عصرُ النفاق بما يَصبُون ، ليقضي على الوفاق بين الرفاق لمدِّ يد العون ....*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى