التحقيقات

الصراع ضد العدو العام ليس مسألة عدد وكم وعواطف وضجيح وثرثرة \ أسامة إسماعيل

  هنالك عدو على الصعيد العام، ولكن هنالك أيضاً أعداء على الصعيد الخاص والشخصي. وبين هؤلاء الأعداء الشخصيين من يدّعي أنه ضد العدو العام، وكذلك يدّعي أنه متدين وسياسي واجتماعي ويعرف كل شيء. وإن الحركة الصهيونية عندما نجحت في احتلال فلسطين سنة 1948 لم تكن تعتمد على العدد الكبير وإخلاصهم لها، فعدد العرب والمسلمين أكبر بكثير من اليهود الصهيونيين بل اعتمدت على دعم الدول الإستعمارية الكبرى لها والتمويل والأسلحة المتطورة والمتفوقة والتعاون والتنسيق والتكامل والدعاية الممهدة والمواكبة لاحتلال فلسطين وبعض الأراضي العربية المحيطة بها. فما ينهي الكيان الإسرائيلي واحتلاله ليس العدد الكبير وما يسمى "الطوفان البشري"، وليس عملية عسكرية من هنا وهناك يقوم بها حزب أو منظمة بل توافر الوسائل التي اعتمدت عليها الحركة الصهيونية مثل الدعم الدولي والتمويل والتعاون والتنسيق والتكامل والدعاية المواكبة والأسلحة المتطورة والمتفوقة.
إن ردع إسرائيل وتحرير فلسطين لايعتمدان على كثرة عدد العرب والمسلمين أي مايناهز مليار نسمة بالمقارنة مع اليهود الإسرائيليين في فلسطين المحتلة، الذين يناهز عددهم 6 ملايين نسمة. وهل المليار نسمة كلهم جيدون وجديرون؟ وبعضهم لديهم صفات مشتركة مع العدو العام مثل الخبث والمكر واللؤم والنفاق والتعجرف والنكاية والتعصب والإستبداد والوقاحة والطمع. وفي الحياة اليومية يواجه المرء الكثير من الأشخاص الذين يحملون هذه الصفات. وبعضهم يدًعون أنهم مؤمنون ومتدينون وسياديون ووطنيون ومقاومة وثوريون وسياسيون ويعرفون كل شيء!!!فهل هؤلاء سيردعون إسرائيل عن القيام بحروب وردات فعل مدمرة ومهلكة ؟ وهل هؤلاء سيحررون فلسطين والأراضي المحتلة؟ وهل هؤلاء سيضغطون على الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية الكبرى للكف عن دعم الكيان الإسرائيلي ومساندته؟
في حالة السياسة الآنية والصراع السياسي والحروب يطغى حساب العدد والكم ويتغلب على النوع والكيف، ويغيب العقل وإلارادة الفرديان وتسود المعتقدات والإيديولوجيات والعواطف والمصالح الجماعية والشعبية لأن السياسات التي تؤدي إلى هذه الصراعات والحروب لاتستمد أسسها ومبادئها من فلسفة فردية عقلية تعتمد على العقل والإرادة الفرديين وتضع العاطفة والغريزة والمصلحة المادية تحت إشرافهما في النطاق الفردي والشخصي بل من معتقدات وإيديولوجيات وعواطف جماعية وشعبية وغايات واضعي هذه السياسات والقائمين بها. ويتلطى الأعداء الشخصيون بهذه الصراعات والحروب بالإضافة إلى الحالة المذهبية والطائفية والحزبية والعشائرية والشعبية لتغطية جهلهم ونواقصهم وصفاتهم السيئة التي يتشاركون بها مع العدو العام ولأجل الإستقواء والتباهي على النخبوي الحر المستقل الناقد والمعترض ولأجل مصالحهم وغاياتهم.
التغلب على العدو العام وردعه وإنهاء احتلاله ليست مسألة كم وعدد كبير من الناس أو أكثرية ضد هذا العدو بل هي مسألة نوع وكيف. وكذلك ليست مسألة ضجيج وصراخ وهتافات وشعارات وتظاهرات ومسيرات شعبية واستعراضات َولاثرثرة وكثرة كلام عاطفي وشعري وحماس. يقول المثل الصيني:"إن قرع الطبول لايعالج المرض". ويقول المثل الهولندي:"كثرة الكلام لاتجلب حلاوة العسل إلى اللسان".
      أسامة إسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى