المقالات

حتمية المواجهة السورية التركية – كتب : عبدالله خالد

في مرحلة سوتشي وأستنا كبر الدور التركي بعد أن لعب البهلوان على كل الحبال وبذل الكثير من الوعود التي لم تأخذ طريقها إلى التنفيذ خصوصا وأنها كانت تحمل الكثير من التناقضات.
لقد تم إتخاذ الكثير من القرارات- بموافقة تركيا- وكان المهم بالنسبة لأردوغان أن يتعاظم دوره خدمة لطموحاته وأحلامه في أن يصبح السلطان العثماني الجديد. وللوصول إلى تحقيق هذا الهدف كان يوافق على كل ما يطرح من أفكار ويتعهد بتنفيذها الذي يحتاج إلى تعزيز تواجده على الأرض عبر دوريات مشتركة مع الروس ونقاط رقابة تركية في منطقة خفض التصعيد لتبدأ مسيرة التسويف والمماطلة في تنفيذ ما وعد به من فصل بين الإرهابيين والعناصر المعتدلة التي تقبل المشاركة بالحل السياسي دون أن يتخلى عن مسار جنيف والتنسيق الكامل مع الإدارة الأمريكية. وفي المقابل كان يزعم أن عقبات كثيرة تواجهه تتطلب إعطاءه الكثير من الوقت لتذليلها.
في المقابل كان يمارس سياسة توسيع تواجده على الأرض ويسعى لكسب المزيد من الأنصار في صفوف الإرهابيين دون أن يتخلى عن الآخرين مع بدء مرحلة جديدة يتم خلالها فرض تغيير ديمغرافي في المناطق التي يتواجد فيها كخطوة على طريق أحلامه التوسعية القائمة على فرض منطقة آمنة لحماية أمنه القومي بينما هي في الحقيقة منطقة إحتلال مستتر تسمح له بالتوسع في الأراضي السورية لإستخدامها في الوقت المناسب في مواجهة الدولة السورية الموحدة متجاهلا السبب الأساسي الذي فرض مرحلة سوتشي وأستنا الذي يؤكد وحدة الأراضي السورية في إطار دولة مدنية ديمقراطية تحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص لكل مكونات الوطن السوري.
إذا أضفنا إلى ذلك سعي أردوغان لإعطاء النازحين السوريين المتواجدين في أراضيها والمناطق المتواجدة فيها جنسية تركية إلى جانب جنسيتهم السورية ووضع استراتيجية خاصة بهم تجعلهم يسهمون في تنمية تركيا والمشاركة في تنفيذ استراتيجيتها سواء بضم أراض سورية أو استخدامهم في مواجهة سوريا الدولة أو ابتزاز أوروبا أو إرسال مقاتلين إلى ليبيا.
ومع استمرار التسويف والمماطلة في تنفيذ قرارات سوتشي وأستنا وصولا إلى تفسيرها بشكل مغاير لحقيقتها لم يك أمام سوريا إلا تأكيد أن الوجود التركي في سوريا يعتبر احتلالا يجب مواجهته بالقوة بهدف إخراجه إسوة بالقوى الغازية الأخرى وهكذا بدأ تنفيذ مخطط تحرير ريف حلب وإدلب بالتعاون مع روسيا التي ضاقت ذرعا بمماطلة أردوغان رغم إعطائه أكثر من فرصة للتراجع رغم إعطائه المبررات التي تطمنئه إلى عدم وجود أي خطر يهدد الأمن القومي لتركيا من قبل الأكراد في سوريا وأن الدولة السورية وحدها هي التي تضمن الأمن القومي التركي بموجب إتفاق أضنة وليس أي أمر آخر.
مع تحرير الريف الغربي لحلب وقسم من محافظة إدلب ضاقت الخيارات أمام أردوغان إلا أن رعونته وغروره واعتداده بنفسه بإعتباره السلطان المقبل دفعه للتمادي في تقدير أهميته وقدرته على تحقيق كل أحلامه ومواجهة كل من يعترض مسيرته. وهكذا بدأ يطلق تصريحات عنترية جاء فيها أن تركيا دولة كبيرة من حقها أن تتوسع ويسعى لعقد اتفاقات متعددة الجوانب يعطي فيها ترامب النفط والغاز السوري وروسيا القاعدتين الجوية والبحرية ويطمئن الكيان الصهيوني إلى ثبات وقوفه إلى جانبه وصولا إلى تحقيق أهدافه ويطمئن جماعة الإسلام السياسي إلى أن مشروع الخلافة في طريقه إلى التنفيذ.
والواقع أن الإحباط أصابه مؤخرا وهو يرى حلب تستعيد عافيتها وأمنها بعد تحرير ريفها رغم كل الدمار الذي أصابها على يديه بعد نهب معاملها لأنه يرى فيها منافسا جديا لأحلامه إذا بقيت خارج سلطنته المزعومة.
وزاد جنونه وهو يرى الجيش العربي السوري يحطم غروره ويكشف عورات جيشه وعدم قدرة الإرهابيين على مواجهته والإنتصار عليه وزاد جنونه حين فشل لقاء قمة كان سيجمعه مع قادة روسيا وألمانيا وفرنسا لبحث الوضع في إدلب وما تلاه من إقتصار الدعم الغربي له على الكلام فقط فدفع بالنازحين إلى أوروبا للضغط عليها وتوج كل ذلك بطلب خروج الجيش العربي السوري من المنطقة التي احتلها وأعطاها مهلة لتحقيق هذا الإنسحاب متجاهلا أنه هو المحتل أصبحت المواجهة حتمية… وهذا يحتاج إلى حديث آخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى