فلسطين

سيادة المطران عطا الله حنا : ” يجب ان نقف سدا منيعا كأبناء للشعب الفلسطيني

الواحد لاولئك الذين يعملون على تقسيمنا وشرذمتنا وبث سموم الكراهية في مجتمعنا “

القدس – وجه سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس اليوم رسالة معايدة وتضامن مع المسيحيين الموجودين في قطاع غزة مهنئا اياهم بعيد الميلاد المجيد سواء كان هذا يوم 25 /12 حسب التقويم الغربي او يوم 7/1 حسب التقويم الشرقي وقال سيادته بأن رسالة العيد واحدة وهي رسالة من تجسد واتى الى هذا العالم من اجل خلاصنا ورسالتنا اليكم هي رسالة محبة واخوة وتضامن ودعاء من اجل ان يقويكم الرب الاله في ايمانكم وفي ثباتكم وصمودكم وبقاءكم في وطنكم .
كما اننا نهنىء جميع المحتفلين بعيد الميلاد المجيد في بلادنا وفي مشرقنا وفي العالم بأسره .
وقال سيادته في كلمته بأن عيد الميلاد في فلسطين له نكهة خاصة لان من نحتفي بميلاده انما ولد عندنا ، وفي ارضنا المقدسة شيدت اول كنيسة في العالم ومن هنا انطلق الرسل القديسين الى مشارق الارض ومغاربها تتميما للوصية الالهية ” اذهبوا وتلمذوا كل الامم وعمدوهم على اسم الاب والابن والروح القدس ” .
نقول للمسيحيين الباقين في غزة بأنكم اذا ما نظرتم الى انفسكم وشاهدتم انكم قلة في عددكم فلا تخافوا وتذكروا القول الانجيلي “لاَ تَخَفْ، أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ، لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ.”… (لو 12: 32-44)
واذا ما كنتم قلة في عددكم بسبب ما ألم بكم فأنتم لستم اقلية فكونوا كما يجب ان تكونوا دوما ملحا وخميرة لهذه الارض ومصدر خير وبركة لهذا الشعب .
تزعجنا وتؤلمنا وتقلقنا اصوات التحريض والكراهية والعنصرية والتكفير التي نسمعها في بعض الاحيان وفي اكثر من مكان ، ولا يجوز ان تؤثر هذه الاصوات على معنوياتكم وارادتكم وصمودكم وثباتكم وتشبثكم بانتماءكم لوطنكم .
ان اصوات الكراهية والعنصرية التي تسمعونها ونسمعها جميعا هي ظاهرة موجودة ويبدو انها ستبقى ولن تغادرنا قريبا ولا يجوز ان تؤثر علينا اطلاقا لاننا اصحاب رسالة ورسالتنا كانت وستبقى كرسالة معلمنا الاول الذي يحثنا على المحبة والرحمة والاخوة والسلام .
ومع وجود اصوات التحريض الداعشي المريضة والموبوءة والموجودة في اكثر من مكان هنالك في المقابل اصوات رصينة عقلانية حكيمة ترفض الخطاب الاقصائي خطاب التحريض والكراهية والتكفير وهؤلاء لربما هم الغالبية من ابناء شعبنا ونتمنى ان يكونوا كذلك وان تتسع رقعة الوعي في وطننا في مواجهة ثقافة التخلف والتجهيل والتطرف التي يريدنا البعض ان نكون غارقين فيها .
نحب غزة ومن واجبنا ان نتضامن معها وان نطالب برفع الحصار عنها ولكننا لا يمكن ان نبقى صامتين متفرجين امام اصوات التحريض والكراهية التي نسمعها في غزة وفي غيرها من الاماكن.
ان مواجهتنا لهذا الخطاب لا يجوز ان تكون من خلال التقوقع والانعزالية ولا يجوز ان تؤدي الى ان يحمل المسيحيون امتعتهم ويغادروا وطنهم فمن احب كنيسته احب وطنه وبقي فيه رغما عن كل الالام والجراح والمعاناة والاصوات النشاز التي نسمعها هنا وهناك .
افتخروا بانتماءكم المسيحي وحافظوا على قيم الانجيل المقدس ولا تخافوا من ان تقولوا وأن تجاهروا بمسيحيتكم حتى وان ازعج هذا بعض المغرضين الكارهين الذين اعمت الداعشية قلوبهم وعقولهم وضمائرهم ففقدوا انسانيتهم .
انتم مسيحيون والحضور المسيحي في غزة هو حضور عريق كما هو في كل فلسطين وفي هذا المشرق ايضا ، فكنائس غزة القديمة هي خير شاهد على ان المسيحية في غزة عمرها الفي عام تقريبا وكنيسة القديس بورفيريوس التي ما زالت صامدة وباقية في القطاع الحبيب انما هي خير شاهد على هذا التاريخ المجيد والقديس بورفيريوس اسقف غزة هو من اباء الكنيسة العظام الذين دافعوا عن استقامة الايمان وشارك في عدد من المجامع .
افتخروا بتاريخكم وتراثكم وانتماءكم للكنيسة الاولى ولا تخافوا من اصوات التحريض والكراهية ولا تشعروا بالرعب من بؤر الحقد والعنصرية الموجودة هنا وهناك .
هنالك شريحة كبيرة من ابناء غزة يحبونكم وهم حريصون على وجودكم وهم يتألمون مع آلامكم ويفرحون مع افراحكم فكونوا عائلة واحدة وتشبثوا بقيم الوحدة الوطنية والاخوة الانسانية وارفضوا معا وسويا خطاب الاقصاء والكراهية ايا كان مصدره وايا كانت الجهة التي تروج له.
لا تشعروا بالخوف في هذه الاوقات التي تعيشونها لان الله لن يترككم وهو معكم في كل حين ولا تتألموا عندما تسمعون اصوات الحقد والعنصرية المقيتة وتذكروا كلمات السيد المسيح الاخيرة على الصليب الذي هتف قائلا ” يا ابتاه اغفر لانهم لا يعرفون ماذا يفعلون ” .
نصلي من اجل كل الضالين ولاجل كل الذين فقدوا البصر والبصيرة واعمت الكراهية عقولهم وضمائرهم وندعو لهم بأن يعودوا الى رشدهم لكي يكتشفوا بأن الله محبة وعندما تغيب المحبة من القلوب انما يفقد الانسان انسانيته .
نوجه التحية لاهلنا في غزة الذين اعداد كبيرة منهم رفضت خطاب العنصرية والكراهية كما هو حالنا في فلسطين ، ففلسطين ظاهرة الداعشية المقيتة فيها انما هي ظاهرة دخيلة مأجورة مرتبطة باجندات خارجية ومشاريع استعمارية هدفها تقسيم المقسم وتجزئة المجزء ويراد لهذا الخطاب التكفيري ان ينتشر في بلادنا ويجب ان نتصدى له كفلسيطينيين مسيحيين ومسلمين وان نكون سدا منيعا امام هذا الفكر الظلامي الهمجي الارهابي الذي لا علاقة له بأي قيمة اخلاقية او انسانية او روحية .
لسنا اقلية في وطننا ولسنا جالية او عابري سبيل في ارضنا المقدسة فهذا وطن لكل الفلسطينيين والقضية الفلسطينية هي قضيتنا جميعا ومن يعملون على اثارة الفتن هنا وهناك انما يريدون الهائنا وتشتيتنا وتفكيكنا واثارة الضغينة في مجتمعنا لكي لا نفكر بقضيتنا الاولى التي يجب ان ندافع عنها ولكي لا نفكر بالقدس التي تستباح في كل يوم والمستفيد الحقيقي من خطاب الكراهية انما هم اعداء القدس الساعون لسرقتها من اصحابها والنيل من مقدساتها وهويتها وتاريخها وتراثها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى