التحقيقات

تشويه الدين والسياسة والإقتصاد ودور الإعلام واستعمالها السيء \ أسامة إسماعيل

 تشويه الدين والسياسة والإقتصاد والإعلام واستعمالها السيء عبر التاريخ حتى اليوم أدى إلى ظواهر وممارسات منفرة ومزعجة ومؤذية تتناقض مع العقل وإلارادة الفرديين والإيمان الحقيقي وقيم الحق والحرية والإستقلال والكرامة والعدالة والأمن، واستولد معتقدات ومفاهيم وآراء وأنظمة وحركات وكيانات تهمش المثقف النخبوي الحر المستقل الناقد وترفع شأن السطحيين والجهًال وغير المثقفين الحقيقيين والوقحين والمزعجين والفاسدين والتابعين والمتعصبين، وتضع العقل وإلارادة والعاطفة والغريزة والمصلحة المادية في النطاق الجماعي الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي بدلاً من أن يكون في النطاق الفردي والشخصي الحر المستقل المنضبط والمنظم، وتغيب خصوصية الفرد ومميزاته لتحل محلها الهويات الجماعية. وإن تشويه الدين والسياسة والإقتصاد ودور الإعلام واستعمالها السيء سببهما فئات معينة عبر التاريخ حتى اليوم أرادت وتريد التحكم بحياة الفرد والمجتمع ومصيرهما وتوجيههما لما يخدم غاياتها ومصالحها لأن المناهج والمفاهيم والممارسات الصحيحة لاتخدمها بل تحبطها.
 إن تشويه الدين والسياسة والإقتصاد ودور الإعلام واستعمالها السيء عبر التاريخ حتى اليوم من قبل فئات معينة يجعلان الفرد شيئاً ورقما"وعددا" ووسيلة بأيدي هذه الفئات منذ ولادته حتى مماته، وهكذا فعل الإستعمار والحركة الصهيونية عندما جعلا الأفراد المولودين على "الدين اليهودي" أرقاماً وأعدادا"وأداة بأيديهما للوصول إلى احتلال فلسطين، وكذلك جعلا الفلسطينيين أرقاماً وأعدادا"عند تهجير قسم منهم سنة 1948 وسنة 1967، وأرقاما"في المجازر التي يرتكبها المحتل الإسرائيلي أو الصهيوني في حروبه منذ سنة 1948 حتى اليوم. وأكبر دليل على ذلك حرب غزة الأخيرة. وهم بذلك يحاولون تكوين تاريخ الفرد منذ ولادته حتى مماته عبر الإيديولوجيات والمفاهيم المشوهة والأنظمة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والعادات والأحداث والأوضاع والمنظمات والكيانات التي يفرضونها، وتمحى الذاكرة الفردية والخصوصية الفردية لمصلحة الذاكرة الجماعية التي تتغير وتتقلب وفق الأحداث والأوضاع والمراحل. وفي محاولة تكوين التاريخ العام والتاريخ الفردي والشخصي والتأثير فيهما، هنالك إختلال التوازن لما يتعارض مع قيم الحق والحقيقة والحرية والإستقلال والعدالة والكرامة الفردية. فبعد احتلال فلسطين سنة 1948 اختل التوازن لمصلحة المحتل الإسرائيلي أو الصهيوني الذي استأثر بمعظم الأراضي الفلسطينية وثروات فلسطين واقتصادها عبر الإستيلاء والإستيطان وأخضع أمنها لمزاجه ومصلحته وأهدافه. وماقبل الأزمة الحالية في لبنان غير مابعدها فقد ازداد الثري ثراء وأثري البعض بعدما كانوا من فئة محدودي الدخل أومتوسطيه بسبب الإنتهازية واستغلال الفرق الكبير بين سعر صرف العملة المحلية وسعر صرف العملة الصعبة أو الدولار الأميركي، وازدادت التبعية والولاء لمن يسمون "زعماء" والأحزاب الطائفية والإيديولوجية الشعبوية.،وازدادت بعض ظواهر الفوضى والإستبداد والفساد المالي والإداري والهدر والمضاربة والمنافسة غير المشروعة واستشرى واقع سيء خلافا"للشعارات التي رفعت في تظاهرات 17تشرين الأول 2019 ضد الفساد المالي والإداري، ومع المستقلين التكنوقراط لإدارة الشأن العام؟!

كذلك الأنظمة السياسية والإجتماعية والإقتصادية تحاول سلخ الفرد عن ذاته ودمجه في القطيع الإجتماعي الذي يخدم فئات معينة، وتكوين تاريخه من الولادة حتى الممات، وتحديد وضعه الإقتصادي والشخصي سواء كان النظام ديكتاتوريا”أو ديموقراطيا” أوملكيا”أودينيا مذهبيا”.
إن الذين شوهوا وحرفوا مفاهيم الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد ودور الإعلام ويسيئون استعمالها ويجعلونها لعبة بأيديهم يعرفون أن قيم الحق والحقيقة والحرية والإستقلال والكرامة والعدالة والأمان لاتخدمهم وإن رفعوا بعضها شعارات وهمية، فأوجدوا أنظمة سياسية واجتماعية وإقتصادية تهمش النخبوي الحر المستقل الناقد وتبعده عن إدارة الشأن العام والتأثير فيه، وتشجع التوزيع غير العادل للثروة، والتفاوت بالدخل والمستوى الإقتصادي والمعيشي على أساس التبعية والولاء والوساطة و”المحسوبية” والنفاق الإجتماعي و”التشبيح” والتملق والمنافسة غير المشروعة والإنتهاز والمضاربة والربح الفاحش، فيما المطلوب هو التوازن الإقتصادي والمعيشي على أساس العلم والكفاءة والثقافة والعمل والإنتاج والإبداع والحرية والإستقلال والكرامة، وتجعل دور بعض وسائل الإعلام والتواصل يقتصر على تقرير الواقع السيء ونقله وترسيخه والترفيه السطحي وتسويق الأزمات ومسرحيات الصراع والحروب التي تخدم فئات معينة. وإن حرب غزة الأخيرة هي نتيجة تشويه مفاهيم الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والإعلام وإساءة استعمالها وتحويلها إلى لعبة بأيدي فئة معينة تدّعي لنفسها الحق في قيادة العالم وإدارته وتصنيف الناس وفق غاياتها ومصالحها وتصنع الحلفاء والأعداء بشكل مباشر وغير مباشر، و تتدخل في إعادة تكوين تاريخ الدول والمجتمعات والأفراد منذ الولادة حتى الممات على أساس الإنتماء والولاء للقطيع الطائفي والعشائري والقومي والحزبي والشعبي لاعلى أساس الذات الفردية والعقل والإرادة الفرديين والحرية والإستقلال والحقوق والكرامة الفردية، التي يحقق الفرد بها ولادته الثانية والمتجددة والإنتصار على الموت.
ليست “نظرية المؤامرة” ولا”بروتوكولات حكماء صهيون” بل الأيدي التي تلعب بالدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والإعلام لأجل غايات فئات معينة ومصالحها. فالدول الإستعمارية الكبرى والحركة الصهيونية في مقدمة هذه الفئات ولكن الفئات الأخرى تلعب أيضاً بهذه الأمور وإن بدرجة أقل وتتشارك مع تلك الفئات ببعض الصفات السيئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى