المقابلات

هدى البياسي تحاور الروائي الجزائري بشير المفتي

يقول بشير المفتي ظننت في البداية أنها أسئلة بسيطة ولكن بسرعة شعرت أن وراء كل سؤال فكرة أعمق دفعتني للتفكير في أشياء مهمة .

إلى أيّ حدّ يستطيع الكاتب أن يتملّص من أبطاله؟
لا أعتقد أن أبطال الرواية هم مجرد أقنعة يختفي وراءها الكاتب أو دمى قراقوز يحركها كيفما يشاء أو على الأقل بالنسبة لي الأمر مختلف من حيث أنّني أنظر للشخصية على أنّها تجربة مستقلّة تفرض عليّ رؤيتها للحياة وأشياءها الخاصة التي تميّزها. أعرف أن العديد يحبّ فكرة أنّ الكاتب هو البطل الوحيد لرواياته ربّما منذ أن أعلن غوستاف فلوبير مقولته الشهيرة “مدام بوفاري هي أنا” وقد يفهم أي كاتب دلالة الجملة من حيث أنّ في كلّ شخصية يرسمها المؤلّف توجد بعض ظلال الكاتب ولكن تبقى للشخصيات أقدار خاصة بهم يحدّدها أكثر مسارهم داخل العمل الروائي.
ما هي الأمور التي تشابهت فيها مع بطل رواية دمية النار؟
أحلامه الأولى التي كان يعتقدها في نفسه، أن يصبح كاتباً أو مثقفاً ثورياً وغير ذلك أمّا ما حدث له بعدها من تحوّل جاء نتاج السياق التاريخي الذي وجد نفسه فيه والذي قاده إلى الانقلاب على تلك الأحلام والانتقال إلى النقيض من ذاته الأولى فهذا الجزء لا تربطني به إلا علاقة التخيل لا غير.
من خلال تجربتك الروائية الأخيرة برأيك نحن نرث الشر أم نكتسبه؟
هذا هو السؤال الذي تطرحه الرواية وإن بصيغة أخرى هل نحن من يتحكّم في مصيرنا أم البيئة التي نوجد فيها هي التي تلعب دوراً في تحديد هذا المصير؟ بالنسبة لي أفضّل طرح الأسئلة على تقديم الإجابات وربما لأنّي لا أملك ذلك اليقين المطلق بأنّ هذه الحتميات هي بالفعل حتميات وأظنّ أن الإنسان يعيش تجربة حياته بشرورها ومحاسنها وقد لا يفهم دائما ماذا يفعل في حياته حتى مسألة الخير والشر هي نسبية في النهاية وكل إبطال رواياتي يحملون قدراً من هذا أو ذاك لأنّنا في الحياة حتى لو كنّا نعتقد أننا ننتمي للخيريين تشوبنا دائماً شرور وفي الشرّ كذلك توجد لحظات إنسانية ولهذا يتصارع هذا مع ذاك في ذات كل شخص حقيقيّ كما شخص متخيّل.
برأيك أيّهما أقوى غربة الروح أم غربة الجسد؟
كل غربة هي ألم، شعور قاس يضطرنا في غالب الوقت للإحساس بالانفصال عن البيئة التي نعيش فيها، وأظن عندما نعيش غربة الروح سنعيش لا مفرّ غربة الجسد كما العكس صحيح.
هل انت مؤمن بالثورات العربية؟
لقد وصلنا في عالمنا العربي إلى أوضاع مسدودة لست أدري إن كانت الثورات العربية هي الحلّ الجذري للتغيير لكن بصراحة ماذا نخسر بعد أن توقفنا عن الحلم طوال عقود بأكملها لهذا أشعر بأنّ هذه الشعوب العربية حتى لو كانت تثور وأحياناً لا تعرف ماذا تفعل فهي على العموم تفعل ذلك بشجاعة وبطولة تستحق عليها التقدير والاحترام أما المستقبل فلن أحكم عليه لأنّي لا أعرف ماذا سينجز من وراء هذا الذي حدث لكن عودة الأمل تبقى حدثاً في حدّ ذاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى