فلسطين

الرواية العربية الفلسطينية في مواجهة الادعاءات الصهيونية في فلسطين

الرواية العربية الفلسطينية
في مواجهة الادعاءات الصهيونية في فلسطين
المحتويات
نتنياهو يزوّر التاريخ مجدداً
المقاصد والغايات
أصل القضية الفلسطينية
الرواية المتداولة المؤسفة، و”هيرودوت”
عودة إلى التاريخ السحيق
جدل الروايات وتناقضاتها
الصهيونية المسيحية
علماء يتحدون الرواية الخرافية
مفاهيم مصححة، أو جديدة
حقائق وجدل
خاتمة: فلسطين تحت الأرض وفوقها لك
الملاحق
عشر نقاط في”قانون” القومية اليهودية.
فلسطين والقدس مقابل الأساطير والخرافات الإسرائيلية
ملخص: اسم فلسطين، والفلسطينيون.
أكاديمية فتح الفكرية، أكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية 2024م
الرواية العربية الفلسطينية
في مواجهة الادعاءات الصهيونية في فلسطين

في إطار صراع الرواية والعمل على تأصيل الحق الفلسطيني و روايته التاريخية الإصيلة كصراع يضاف للصراعات حول القضية الفلسطينية المتعلقة بالصراع السياسي والعسكري و الاعلامي و الثقافي والدبلوماسي النشط والقانوني في سياق حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة غير القابلة للتصرف، في هذا الإطار انتهجت المقاومة والثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها عام 1965م طريقا صعبًا حاولت من خلاله التشديد في إبراز الرواية العربية الفلسطينية بحقنا في فلسطين على مختلف المنابر ليضع الجيل العربي والفلسطيني الثائر القادم أمام تحديات قضيته العادلة، كما يضع الأمة التي تعتبر فلسطين قضيتها الأولى أمام مسؤولياتها ومذكّرا دول العالم بجذور القضية وحقيقتها ومآلها.
في 22/9/2016 في الأمم المتحدة يفتح الرئيس ابو مازن قرار التقسيم “وهو القرار الوحيد الذي يؤسس لدولتين على أرض فلسطين” كما أشار في خطابه، ويفتح إعلان بلفور غير القانوني رافضًا سردية الاحتلال الإسرائيلي فيقول: (إن تحقيق مصالحة تاريخية بين الفلسطينيين والاسرائيليين تقتضي بأن تعترف “إسرائيل” بمسؤوليتها عن النكبة التي حلّت بشعبنا الفلسطيني ولا زالت).
وفي تعرضه لإعلان بلفور المشؤوم في خطاب له عام 1997 يقرر أن (إعطاء أرض فلسطين دون وجه حق، أرض فلسطين لغير شعبها ..) قد أسس (لنكبة الشعب الفلسطيني بفقدان أرضه)، ولا يتوانى عن القول أن (إسرائيل قامت ومنذ العام 1948 بالاعتداء على الشرعية الدولية عبر انتهاكها لقرار الجمعية العامة 181 …، بقيامها على أكثر مما خُصص لها [من مساحة] ، وهو انتهاك صريح للبنود 39،41،42 من ميثاق الأمم المتحدة … الا أنه وللأسف لم يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته بمحاسبة “اسرائيل” على سيطرتها على أراضٍ مخصصة للدولة الفلسطينية وفق قرار التقسيم).
إن ما يمكن أن نفهمه من الزاوية التاريخية والتعبوية في الرسالة السياسية الموجهة بوضوح لجميع الأجيال هنا هو التأكيد الصلب على [أرض فلسطين] في إشارة لا تخطئها العين أن الجغرافيا والإقليم والأرض والوطن في فلسطين، رغم قرار التقسيم الذي أعلن ظُلما قيام دولتين، ومشيرا للتعدي الصهيوني حتى على الجزء الذي لم يخصص لهم، ما هو إشارة للسّمة العدوانية الاستعمارية الاستيطانية الاحتلالية لهذا العدوان الصهيوني الذي وقف العالم كلّه عاجزا أمامه، فلا مناص في الحد الأدنى من التأكيد على الحق الذي لن يضيع مادام وراءه مطالب.
وفي ذلك كله ردٌ على ترهات وأكاذيب وادعاءات نتنياهو التي كان قد بدأ يزفّها للعالم معلنا برعونة أن كل فلسطين بلده!
نتنياهو يزوّر التاريخ مجدداً
في 15/2/2016 قال (نتنياهو) في لقائه مع الرئيس الامريكي المنحاز والعنصري (ترامب) إن (اليابانيين من اليابان والصينيين من الصين ، مثل اليهود من يهودا)! في قاعدة عامة اتبعها في كل أحاديثه التي تميّزت بالخداع من جهة، وبتزوير التاريخ والتلاعب بالمصطلحات، وإثارة المتدينين التوراتيين ومن ورائهم “المسيحيين الصهاينة” والتحريض على حرب دينية.
رئيس الوزراء الاسرائيلي ذاته، وفي العام ذاته، ردّ على الرئيس أبو مازن ومطالبته بمقاضاة بريطانيا لإعلان بلفور غير القانوني قائلا: “لقد سمعت أن السلطة الفلسطينية تنوى مقاضاة بريطانيا حول اعلان بلفور، بمعنى ذلك أنها لا ترفض الدولة اليهودية فحسب، بل هي ترفض البيت القومي اليهودي الذي سبق الدولة اليهودية”!
استطاعت الدبلوماسية الفلسطينية وكافة أشكال النضال، وامتدادا لإرث الخالد الشهيد ياسر عرفات، أن تحقق الاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب بالأمم المتحدة بتاريخ 29/11/2012 وكان هذا مكسبًا فلسطينيا صاعقًا للسياسة العدوانية الصهيونية، وأيضا وعلى رأسه نتنياهو ومن ورائه “المسيحيين الصهاينة”.
من على منبر الأمم المتحدة قال نتنياهو: “قبل 3000 عام سيطر الملك داود على بلادنا وعاصمتها الأبدية القدس”، مالا يستقيم تاريخيا، وإيغالاً في روايته التوراتية الخرافية – وهي للأسف شبيهة بالرواية التي تغلغلت في عديد كتب التاريخ الاستشراقي المسيحاني – يقول وذلك بتاريخ 4/3/2014 “آن الأوان لأن يعترفوا هم [الفلسطينيين] ب”إسرائيل” كدولة يهودية”! وأكمل أنه وهو البولندي “جاء من القدس العاصمة الأبدية والموحدة ل”إسرائيل” و”الشعب” اليهودي”.
وفي محاولة دحض بسيطة للجملة الأسطورية الأخيرة نكتشف أنه عبر التاريخ لم يكن هناك بتاتًا شيء اسمه [الشعب اليهودي] ، ولم تكن القدس عاصمة لهذا ]الشعب[ الذي لم يوجد أصلا، ولم تكن هناك أرض اسمها ]اسرائيل[ وان وجدت إمارات/مخاليف تابعة لقبيلة بني اسرائيل القبيلة العربية المندثرة التي لا صِلة عرقية أو إثنية لنتنياهو بها.
إن نتنياهو الذي يحاول بمشقّة إقامة الحُجّة بتكرار الرواية التوراتية، وفق مبدأ: اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الآخرون فتصدق نفسك، التي تتحدث عن قبائل بادت، وعلى رأسها قبيلة اسرائيل (إسرءيل-بالرسم القرآني للتمييز عن المحتلين لبلدنا اليوم) العربية المنقرضة (سواء وجدت في فسطين أو اليمن أو البرازيل)، والتي لا صلة قومية جينية انثروبيولوجية له بها هي حُجّة باطلة كما بطلان الادعاء أن إمارة/مشيخة يهودا المندثرة تخصّه، وهو امتداد لها! فتلك ما هي إلا إمارات (مخاليف) قديمة لا صِلة لها بغالب يهود العالم اليوم من قوميات متعددة غالبها أوروبية وروسية وغيرها (أنظر كتاب مملكة الخزر اليهودية لليهودي أرثر كوستلر)، وفي المقابل فإن الانتماء الديني لا يتحول لقومي أبدًا، فهذا شيء وذاك شيء مهما حاول نتنياهو ويمينه العنصري، وكهنته والحركة الصهيونية والمسيحيين الصهاينة أن يفترض أن الديانة هي قومية أو شعب لم يكن ولن يكون.
المقاصد والغايات
إن استحضار الرواية التناخية/التوراتية الأسطورية في حديث “نتنياهو” الدائم، والصهاينة أمثاله وحديثا لدى ما يسمى الصهيونية الدينية في الكيان، تهدف لعدة غايات منها:

  1. استقطاب قطاعات التوراتيين المتدينين سواء من اليهود، أو من المسيحيين المتصهينين والذين هم امتداد للاستشراق الغربي الذي حاول اسقاط مسرح وحوادث التوراة التي في معظمها خرافات وأساطير على أرض فلسطين قسرًا، ففشل عند كل حبة رمل.
  2. التهرب من الاستحقاقات السياسية والقانونية أمام حق الفلسطينيين في تقرير المصير وفي إقامة دولتهم ، وأنه يقرر أنهم ليسوا شعبًا وليست لهم أرض، بل هم ليسوا بشرًا لذا لا حقوق لهم أصلا.
  3. يعود نتنياهو للرواية التوراتية مستغلا التشابه بين الأسماء الواردة في القرآن الكريم، وفي التوراة وبين الاسماء التي اخترعها هو والاستخراب/الاستعمار الغربي والصهيوني واسقطوها بشخوصها على بلادنا في عملية تزوير تاريخية متواصلة.
  4. يحاول اليمين الصهيوني والرواية الإسرائيلية اليوم تصوير أنهم من نسل الاسرائيليين العرب القدماء المنقرضين، وأن اليهود قومية! وهم بالحقيقة من قوميات عدة عبر العالم تكذّب أن اليهودية دين مغلق، بل على العكس كانت الديانة اليهودية ككل الأديان كانت مفتوحة لجميع القبائل والقوميات. ويثبت التاريخ أن الخزر (جنوب روسيا ما بين بحر قزوين والبحر الأسود) هم غالب سكان فلسطين من الديانة اليهودية اليوم.
    خطاب نتنياهو خطاب خرافات دينية لكنها متداولة، وخطاب تزوير للتاريخ ويا للتاريخ من جلادين، وخطاب عنصرية بغيضة كما هي كثير من نصوص (التناخ) اليهودية بينما خطاب أبو مازن هو خطاب الحق السياسي والحق القانوني والطبيعي والحق التاريخي الأصيل الذي تعترف به كل ذرة رمل في أرضنا أرض فلسطين.
    أصل القضية الفلسطينية
    هل نبدأ القضية الفلسطينية مع وعد بلفور في العام 1917، أم نعود للقرن التاسع عشرأو الثامن عشر، وما قبله؟ أم مع قرار التقسيم الجائر عام 1947 أم لعلنا نقول أن فيها من العناصر ما يعود للبعيد؟ خاصة في سياق خرافات نتنياهو التي تعود الى 3000 عام كما يقول، والذي لو كان مثل هذا الكلام له من الحقيقة أو التاريخ أو السياسي أوالقانون أو الواقع شيئا لا نقلبت خرائط العالم رأسا على عقب، وبقيت فلسطين كما هي.
    كان يمكننا البدء مع انشقاق الكنيسة البروتستانتية بالقرن 16 والتي رفعت من قيمة نبوءات التوراة الخرافية، ومنهاالمتعلقة بأسطورة عودة اليهود الى فلسطين، لكننا سنبدأ من القرن 17 حيث كان الاستخراب/الاستعمار الغربي الموبوء بتفوقه على الشعوب الأخرى يتقدم بظله الثقيل وعنصريته البيضاء مدعيًا أنه يحمل الحضارة للعالم (رسول التحضر في مواجهة البربرية وكما نقل عنهم وقلدهم هرتسل في كتابه دولة اليهود لاحقًا) وهو يقتل ويدمر ويحتل ويستغل ويشوه الحقائق، هذا إن فهمنا أن عداءه العميق ذو الطابع الديني والتاريخي والاقتصادي قد جعل من معظم أوربا تحارب يهودها وتنبذهم وتضطهدهم تقتلهم أوتنفيهم وتعزلهم في مساحة العداء المستحكم بينهم لمئات السنين:
  • كانت “الكنيسة تنظر إلى دراسة العبرية كبدعة يهودية أو تسلية للهراطقة، اتُخذت خطوات عنيفة لاجتثاثها طوال القرون الوسطى. لكن الأمر تغيّر منذ عصر النهضة (القرن 14-القرن17)، فأصبح طلاب العلم يتقنون العبرية مع اللاتينية واليونانية، وسرعان ما أصبحت معرفة العبرية جزءاً من الثقافة الأوروبية العامة. أما حركة الإصلاح البروتستانتي فجعلتها جزءاً من منهج الدراسات اللاهوتية. وعندما تُرجم الكتاب المقدس إلى اللغات القومية المختلفة، في أعقاب ترجمة “مارتن لوثر” إلى الألمانية، أصبح ما ورد في العهد القديم من تاريخ ومعتقدات وقوانين العبرانيين وخرافة أرض الميعاد، أموراً مألوفة في الفكر الغربي، وغدت قصص وشخصيات العهد القديم مألوفة، بل عاد يسوع نفسه إلى مكانه في المخيلة المسيحية باعتباره نهاية سلسلة طويلة من “الأنبياء العبرانيين”! كإبراهيم وإسحاق ويعقوب! الذين صاروا محلاً للتبجيل بديلاً من القديسين الكاثوليك. ولما كان التعليم الذي يتلقاه معظم الناس يتكون أساساً من قراءة الأدب التوراتي، فقد أخذت الأجيال اللاحقة تعتبر فلسطين بمثابة الوطن اليهودي! فلا هجرة سوى هجرة إبراهيم، ولا وجود لمملكة غير مملكة داود التي سبقتها وتلتها ممالك كثيرة، ولم يعد الناس يذكرون من الثورات إلا ثورة المكابيين، وكان يبدو وكأن لا وجود للشعوب الكثيرة التي عاشت في فلسطين، مع أن معظمها عاش فترات أطول من اليهود.”
  • بدايات طرح “تجميع اليهود في فلسطين” بدأت في عهد “آرثور كرومويل”، الذي وعد اليهود بالوطن في عام 1655، وتقول ريجينا شريف في كتابها “الصهيونية غير اليهودية.. جذورها في التاريخ الغربي”، إن البدايات الأولى لطرح فكرة “تجميع اليهود في فلسطين” كانت عام 1649، مرورا بعدد آخر من المبشرين بـ”الوطن اليهودي” ومنهم الليدي “أستر سترانهوف”، التي دعت وبشرت بالوطن اليهودي ما بين 1804-1819، وهناك المزيد من الوثائق التي مهدت كلها لـ”اختلاق إسرائيل في فلسطين على أنقاض إسكات ومحو الزمن العربي الفلسطيني”.
  • في العام 1799 كان اعلان نابليون الذي دعا يهود العالم للهجرة (العودة) الى فلسطين. وسرعان ما تلقف الرئيس الأميركي “جون آدامز الفكرة”، فدعا في عام 1818 إلى “استعادة اليهود لفلسطين وإقامة حكومة مستقلة لهم”!
  • في العام 1839 أي قبل 57 عاما من اعلان بلفور قال “اللورد شافستري” أن فلسطين أرض بلا شعب! داعيا لتشجيع يهود الديانة للهجرة لفلسطين.
  • في العام 1865 تم تأسيس “صندوق اكتشاف فلسطين” في بريطانيا ليقوموا بتزوير المكتشفات في أرض فلسطين بما يتطابق مع خرافات مسرح التوراة التاريخي.
  • كان لعدد من الرؤساء الامريكان الأوائل وأبرزهم الرئيس الامريكي “جون آدمز” (1797-1801) سياقا يهوديا ، فآدمز –كمثال- أرسل رسالة إلى الكاتب المسرحي والدبلوماسي اليهودي وعمدة مدينة نيويورك “مردخاي مانول نوح” جاء فيها: “أتمنى أن أراك على رأس مئة ألف يهودي لغزو “يهوذا”، وإقامة وطن قومي لليهود على أرضهم التاريخية”!
  • في العام 1840 “بالمرستن” وزير الخارجية الانجليزي يطالب العثمانيين بفتح فلسطين أمام اليهود ، فبنى للورد روتشليد مستعمرة (ريشون لزيون) في فلسطين.
  • كان “للصهيونية المسيحية”التي تأسست في القرن17 (أو المسيحية الإنجيلية كما هو الدارج) دورا أساسيا في دعم هجرة اليهود الى فلسطين، ويشار في ذلك لكتاب “سايروس سكوفيلد” مرجعهم الأول والمنظّر لحق اليهود في وطننا، فيما كان “جون داربي” الامريكي يعتبر الأب الروحي لهم في أمريكا.
  • في عام 1891، قام مبشر مدينة شيكاغو “وليام يوجين بلاكستون”، بزيارة البيت الأبيض وتقديم عريضة للرئيس الأمريكي “بن جامين هاريسون” وقع عليها 413 من كبار الشخصيات من بينهم الرئيس الأمريكي اللاحق “وليام ماكنلي” تطالبه بالعمل على اقتطاع فلسطين من أملاك الدولة العثمانية، وإقامة دولة “كومنويلث” لليهود في فلسطين، وتحقيق آمال “ما قبل الألفية الثالثة” التي لخصها في كتابه “عودة المسيح”.
  • تيودور هرتزل/هرتسل هو أول من استخدم مصطلح “الصهيونية المسيحية” وعرف المسيحي المتصهين أنه “المسيحي الذي يدعم الصهيونية”، بعد ذلك تطور المصطلح ليأخذ بُعدا دينيا وأصبح المسيحي المتصهين هو “الانسان الذي يساعد الله! لتحقيق نبوءته من خلال دعم الوجود العضوي لإسرائيل، بدلا من مساعدته على تحقيق برنامجه الإنجيلي من خلال جسد المسيح”.
  • يتوجب الإشارة الى أن (التيار العام (خاصة الشعبي)) كان مناهضًا لليهود لأسباب معروفة. وقد وصل هذا العداء إلى ذروته في الربع الأخير من القرن التاسع عشروحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، متمثلاً في العديد من المذابح (البوجروم) التي تعرضوا لها بدءًامذبحة كيتشنيف في روسيا إثر تورطهم في اغتيال قيصر روسيا اسكندر الثاني عام (1881) وصولا إلى الهولوكوست النازي خلال سنوات الحرب الأوربية/العالمية الثانية.
  • وقد حقق لهم الاستقرار في شرق أوروبا في البداية أجواء الأمن والاستقرار والحماية، بل عملت القوانين لصالحهم. وترجع الكاتبة الأمريكية جينفر سينيور ذلك إلى قدرتهم على التأقلم السريع في البيئة الجديدة وعلى عدم اعتمادهم على الأعمال البدنية، وإنما الاعتماد على النشاط الذهني وممارسة التجارة، لاسيما وأنهم اختاروا مدنهم التي تجمعوا فيها في المناطق الحدودية ومفترق طرق التجارة، وانتهزوا فرصة عدم وجود جهات لإقراض المال، فعملوا في الربا والصيرفة- وهي المهنة التي برعوا فيها وكانوا يمارسونها حتى داخل الهيكل الثاني (خرافة فلم يثبت وجوده لليهود فيما هو الا معبد وثني، ولا دليل على وجوده في فلسطين قط) زمن السيد المسيح- لكن هذا العمل لم يلبث أن سبب لهم فيما بعد العداء من قبل الشعوب الأوروبية، وهو ما صوره لنا شيكسبير في تاجر البندقية، وديستويفسكي في الجريمة والعقاب)، كما أن انخراطهم في الجمعيات السرية وتسببهم في العديد من الثورات ونشر الفوضى في أوروبا جعلهم مكروهين)

فإن كان هذا من شأن المسار الاستعماري الواضح الدلالة منذ القرن 17 ، فما ِشأن (نتنياهو) بفلسطين؟ أنه واليمين اليهودي العنصري، و”المسيحية الصهيونية” يقفزون عن هذا الواقع الاستعماري فهذا أصبح تاريخهم ولا ينكرونه، وإنما يعودون بالرواية الى الخلف كثيرا، أي الى التوراة ومسرحها المدعي انه بفلسطين، والمدعى أنه يتعلق بجمهوره من يهود العالم اليوم.
الرواية المتداولة المؤسفة، و”هيرودوت”
المؤسف اليوم أن الرواية العربية أو الرواية العربية الفلسطينية حول فلسطين تنهل لدى كثير من المؤرخين من نبع التناخ/التوراة غير الصالح للشرب!
فنواجه بالمتساوقين العرب مع الرواية التوراتية، كما نواجَه برواية اليمين الديني الاسرائيلي والحركة الصهيونية ، وفي ذات الحال هناك الرواية الأوروبية المشبعة بعقدة الذنب تجاه يهودهم (اليهود الاوربيين من جنسيات وقوميات متعددة) الذين عانوا الأمرين عندهم، والى ذلك نجد الرواية التطهّرية من الذنوب لدى “الصهيونية المسيحية”.
الا ان الحقيقة لا يمكن أن تبقى مخفية تحت أكوام وأكداس الكتب القديمة، والنوايا الشريرة، ولا يمكن أن تبقى خرافات التناخ وزيفها المجال الوحيد الذي يتم النهل منه لصنع التاريخ في هذه المنطقة وفي العالم.
لقد أسقط “هيرودوت” أبو التاريخ خرافات التوراة التاريخية، فعندما وطأ أرض فلسطين في القرن الخامس قبل الميلاد لم يسمع لا عن أورشليم ولا عن يهوذا، ولا عن هدم الهيكل ولا عن “اسرائيل” ولا السبي .. ولا زلنا حتى اليوم لم نسمع عن هؤلاء شيئا في فلسطين، من خلال الحجر وعلم الآثار، باستثناء خرافات الكهنة والصهيونية ونتنياهو، وحراس الفكر الآسن.
و”هيرودوت” المسمى ابو التاريخ هو من أشار لفلسطين البلد أو فلسطين الاقليم المحدد جغرافيا وأحيانا ضمن سوريا-جنوب سوريا، أو بلاد الشام بوضوح وبلا أي لبس ما يكذّب ادعاءات التوراتيين.
نحن وفي مواجهة الرواية التوراتية المختلقة حول فلسطين التاريخ التوراتي وجغرافيتها، تبرز الرواية الغربية الاستشراقية التي تحاول اسقاط خرافات التناخ/التوراة على الآثار، في مقابل الرواية العربية الاسلامية المتأثرة في كثير من مفاصلها بأحداث التوراة! رغم تكرار إشارة النص القرآن الكريم للكهنة بأنهم المزورين ولا يؤخذ بكلامهم، الا بالتمحيص والتفكير والتدبر.
عودة إلى التاريخ السحيق
يحاول رُواة التاريخ استنادا للرواية التناخية/التوراتية وهي الرواية المكتوبة بما تسمى [النسخة السبعينية] أوالسبعونية بعد ما لا يقل عن 500 عام من الأحداث المدونة فيها، ورغم بطلان الرواية (من الزاوية التاريخية حيث لم يعد العديد من علماء التاريخ وعلماء الآثار يفترضون التوراة ككتاب تاريخ يقاس عليه) إلا أنها ما زالت تمثل المستنقع الذي يَغرِف منه غالب أساتذة التاريخ اليوم في مختلف دول العالم، بما فيها دولنا العربية والاسلامية.
يقول عالم الآثار الاسرائيلي (اسرائيل فنكلشتاين) في كتابة: التوراة مكشوفة على حقيقتها، الصادر عام 2001 “إن الأدلة على احتلال تاريخي لكنعان على أيدي بني اسرائيل معدومة”، ومثلما حدث في قصة الخروج من مصر حيث كشف علم الآثار هنا فجوة ضخمة بين الخرافة التوراتية والوضع القائم في أرضنا أرض كنعان بين العامين (1230 – 1220 ق.م)، كما تنفي الآثار أيضا أن أريحا كانت مدينة محصنة بالأسوار، وما يقال حسب “فنكلستاين وشريكه بالكتاب سيلبرمان” عن احتلال أريحا ما هو إلا أسطورة.
وإلى ذلك يقول أيضا “فنكلستاين”: “أن العديد من أحداث التاريخ التوراتي لم تحدث لا في المكان ولا الطريقة ولا الأوصاف التي رويت في الكتاب المقدس العبري”، مضيفا “بل إن بعض أشهر الحوادث في التوراة لم تحدث مطلقا” ومؤكدا أن “قصص وروايات الكتاب المقدس العبري هي نتاج آمال ومخاوف وطموحات مملكة يهودا”.
هذا وكان قد كتب عالم الآثار الإسرائيلي “زئيف هرتزوغ” في صحيفة هآرتس في 18/11/1999 قائلا أنه “بعد 70 عاما من الحفريات المكثفة في أرض فلسطين توصل علماء الآثار الى نتيجة مخيفة. لم يكن هناك شيء على الإطلاق . حكايات الآباء مجرد أساطير. لم نهبط مصر . ولم نصعد من هناك. لم نحتل فلسطين . ولا ذكر لإمبراطورية داود وسليمان”.
جدل الروايات وتناقضاتها
من الممكن التعامل مع الروايات التاريخية القديمة المتعلقة بفلسطين بأشكال ثلاثة:
الشكل الأول: هو الرواية التناخية/التوراتية، ولها ثلاث صيغ الأولى انها تشكل تاريخا معتمدا وهي الرواية الاسرائيلية و”الصهيونية-الانجيلية”، والثانية الرواية الغربية التي تعمل على تطابق (أي تزوير) المكتشف مع أحداث التوراة، أما الصيغة الثالثة للرواية التوراتية فهي تلك الرواية العربية الاسلامية والتي هي اليوم للأسف في السائر والمتداول مليئة بالإسرائيليات حتى في عدد من تفاسير القرآن الكريم.
أما الشكل الثاني للتعاطي مع الرواية فهو الشكل العلمي ويحتمل النظر إليه من هذه الزوايا:
o نقض التوراة كمسرح تاريخ، وسجلّ تاريخي متسلسل.
o نقض التوراة كسجل جغرافي للأحداث (مسرح الأحداث).
o نقض التوراة لامتلائها بالمبالغات والخرافات والأكاذيب والأساطير والأماني.
o نقض التوراة لانعدام القيم والاخلاق في كثير من النصوص ومنها العنصرية والعنف والقتل والفساد ووهم التفوق اللاأخلاقي.
o نقض التوراة لذات الشخوص فيها.
أما الشكل الثالث للتعامل مع الرواية فهو إسنادها مرتبطة بالقرآن الكريم ، وهنا يجدر الاشارة للثوابت التالية:
1- إن القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه، ما هي قناعتنا، ولكنه كتاب إيمان وارتباط بالخالق جل وعلا، وكتاب حكم وعِبَر وبرهان وبناء، وليس كتاب تأريخ متسلسل.
2- القرآن الكريم (نورٌ مبينٌ) ومسار هدايه للصراع بين الحق والباطل، ومساحة ظليلة ومفتوحة للتأمل والتفكير والإيمان والتساؤل والاثبات، وفيما يخص الشأن التاريخي متروك للبحث والتقصي والدراسة دون الإضرار بثوابت النص القرآني.
3- كما أن القرآن الكريم ليس كتاب فيزياء أو كيمياء أو علم نفس أو جغرافيا أو تاريخ الا أن الاشارات الهامة التي يحتويها في كل المجالات مرتبطة بمنهج التفكير الانساني المتغير.
4- وعليه فإننا حين ننقض الرواية التوراتية تظل الأحداث والشخصيات الواردة في القرآن الكريم-كما جاءت فيه دون زيادة- حقيقة ربانية، ولكنها كما هو واضح لدينا ليست ذات صِلة بالسياق الروائي التناخي/التوراتي لا جغرافيا ولا تاريخيا ولا في خرافاتها وأساطيرها ذات الإسفاف والاكاذيب والمبالغات الكثيرة حول الشخصيات والأحداث.
5- القرآن الكريم لطالما حذّر من الركون لكلام الكهنة وللرواة الكذابين، ومنهم أولئك الجاحدين من قبيلة بني إسرائيل القديمة المنقرضة، أو أولئك المزورين من كهنة التوراة اليهود الديانة لاحقا على اندثار القبيلة.
6- (نحن – كمسلمين- نصدق ما جاء في التوراة وتطابق مع ما ذكر في القرآن الكريم، كقصة موسى. كما ونؤمن بأن القدس التي ورد ذكرها صريحا في العهد القديم (وأيضًا يبوس واليبوسيين، وأرض كنعان والكنعانيين، وفلسطين والفلسطينيين) هي أرض عربية إسلامية، ولا يضيرنا على الإطلاق أن تكون موطن أنبياء الله إبراهيم واسحاق ويعقوب والأسباط الاثني عشر وزكريا ويحيى، فهؤلاء كلهم كانوا – بموجب ما جاء في القرآن الكريم- مسلمين/موحدين، لذا فالقدس هي أرض إسلامية عربية منذ القدم.)

الصهيونية المسيحية
السؤال المحيّرهو: لماذا الرواية التناخية/التوراتية رغم خرافاتها وأسطوريتها وتناقضاتها ما زالت صامدة؟ أن ذلك يحتاج لدراسة وردّ وبحث، وفي الوقت نفسه التحلي بالنفس الطويل.
فما استقر لآلاف السنين من خرافات ليس من السهل نزعه حتى من عقول بعض العلماء (خاصة منذ عصر النهضة في أوربا، من القرن14-17)، بين ظهرانينا، وهنا يبرز دور المسيحية الصهيونية في إعطاء القيمة الكبرى للروايات التوراتية كما هي استتباعا للبروتستانتية التي انشقت على الكاثوليكية، وان بسياقات أشد جعلت من الـ150 مليون “صهيوني انجيلي” بالعالم ومنهم الـ40 مليون في أمريكا يتحالفون مع المستشرقين مزوّري الوقائع لمصلحة خرافات التوراة من جهة، ثم لاحقًا مع الحركة الصهيونية ودولة “اسرائيل”، وما يدعمه جهلنا المدقع في الدفاع عن روايتنا وتنقية المليء منها بالشوائب أو ما سُمّي في الدراسات القرآنية بالإسرائيليات..
علماء يتحدون الرواية الخرافية
إن هذه الرواية التوراتية بدأت بالتفتّت، ولم تعد تصمد أمام العقل والتدبر، وأمام العلم والآثار، وعلينا التمسك بذلك مهما طال الزمن، فهي أحد أهم أركان معاركنا التي نخوضها.
الخيالات والأساطير التوراتية والتي يستند عليها “نتنياهو” وأشياعه، والصهيونية المسيحية، واليهود ستسقط، ولنا هنا أهمية الاشارة لعديد المفكرين والبحاثة والعلماء ممن يشككون أو يعارضون أو ينقضون هذه الرواية الذابلة أمثال الاسرائيلي “اسرائيل فنكلستاين” و “فيكتور سيجلمان” و “نيل أشر سبيلبرمان” و”زئيف هرتزوغ”، و”شلومو ساند” في كتابيهِ: خرافة أرض اسرائيل وخرافة الشعب اليهودي، وكذلك “أرثر كوستلر” اليهودي الهنغاري الذي ثبّت الأصول القومية لمعظم يهود العالم بأنهم الخرزفي آسيا، والاوروبيين في كتابه القبيلة 13.
وفي الجانب العربي يمكننا الرجوع لكتابات د.عصام السخنيني، وجمال حمدان، وأحمد الدبش ود.زياد منى، وفراس السواح والبحاثة د.إبراهيم عباس، ود.علاء أبوعامرـ والعلامة فاضل الربيعي، والباحث فرج الله صالح ديب (وان بجغرافيا أو مسرح أحداث مغاير) ، وكمال الصليبي، وجميل الخرطبيل، وغيرهم.
ولما أورده الباحث الاجنبي (يولويس فيلهاوزن) الذي اعتبر التوراة (اساطير وطنية) أو بالعودة للكُتّاب الكبار أمثال (توماس طومسون) و(كيث وايتلام) في تأويل التوراة باعتبارها نسخة متخيلة أخذها المستشرقون لاستعمار فلسطين والمنطقة ككل.
نعيد القول أن تصدّينا للرواية المتداولة للتوراة، أو “التناخ” يعني أننا نصارع 5 جبهات هي اليمين الديني الاسرائيلي، والحركة الصهيونية التي تحالف معها الاستعمار، ومع المسيحية الصهيونية، ومع الغرب الأوروبي وعقدة الذنب تجاه يهودهم، وأيضا مع أصحاب الفكرالأسن والمتساوقين مع الرواية التوراتية في الأمة.

مفاهيم مصححة، أو جديدة
[فلشتيم] في التوراة هو اسم لقبيلة قديمة، وفلسطين نسبة للإله الذي تسمّوا باسمه (الإله فلس)، وهي قبيلة كما الحال مع قبيلة بني اسرائيل العربية البائدة.
[موسى] ويشوع كما يشير لهم البحاثة الجدد هما عربيان يمنيان بلا جدال، وهناك كانت التوراة. “وهناك بعض الباحثين – ومنهم فرويد- يعتبرون موسى كاهنًا مصريا، وهناك من يعتقدون انه سودانيا” .
[كريت] أو كرتيم، وليس نسبة لجزيرة كريت اليونانية بل هي قبيلة عربية أخرى، وهي من وادي كرث نسبة للعربي (كراث بن هنوم) حسب الهمداني ، إذن لا أصول أوروبية للفلسطينيين.
[النيل والفرات] النيل والفرات الواردان في التوراة ما هما الا واديان في اليمن القديم.
[مملكة حِمْيَر] هي مملكة يهودية، وكان آخر ملوك اليهود الديانة في اليمن هو (هوذة السحيمي الحنفي).
[يهودا] قبل الملك (هوذه) خاض الأمير أو الملك (يهوذا) المعارك ضد الغزاة الرومان في ما يسمى حرب المكابيين (160-132 ق.م) في منطقة اليمامة. وهناك قول أن اليمنيين متصلين بشجرة هود النبي [يهوذة].
[كنعان] من كُنان، وهي قبيلة جزرية (جزرية/جزيرية نسبة للجزيرة العربية) من طيء.
[على خطى صموئيل والهمذاني] الذي فعله الباحث فاضل الربيعي في سفره الكبير فلسطين المتخيلة: أرض التوراة في اليمن القديم، أنه تتبع مسرح التاريخ والجغرافيا في سِفر صموئيل وقارنه مع كتاب وصف جزيرة العرب للهمداني ومع ديوان (سجِلّ) العرب وهو الشِعر ليكتشف زيف جغرافيا التوراة في فلسطين.
ومما يذكره أن وصف (بيت بوس) و(حصن صهيون) و(صور) و(الربّة) يأتي في نطاق وفضاء جغرافي واحد يستحيل أن يكون في فلسطين بل هو في اليمن، ومشيرا الى ان مدينة السلام صِفة أطلت على مدن عديدة في اليمن كمثال
[هيرودوت وفلسطين] هيرودوت أبو التاريخ وطأ أرض فلسطين في القرن 5 قبل الميلاد ولم يسمع لا عن أورشليم ولا السامرة ولا يهوذا ولا هدم الهيكل ولا اسرائيل ولا السبي، بينما كان اسم فلسطين البلد والاقليم حاضرا، كما أنه ورد في الكتابات اليونانية والرومانية القديمة.
[هيرودوس] ]حرد[ يشار للحاكم هيرودوس/حرد أنه إيدومي عربي وفي إشارات وجوده في فلسطين أو اليمن، فهو أقام معبدًا رومانيا للديانات وعلى رأسها الوثنية، وهو ما يدّعيه الاسرائيليون اليوم أنه (الهيكل الثاني).
[مملكة سليمان] اليهود في اليمن يؤكدون أن مملكة سليمان عندهم قرب صنعاء (وكذلك أبحاث من ذكرنا أنفا من علماء عرب وأجانب) وكذلك ما ورد في مقابلة للباحث السوري نزيه المؤيد مع حاخام باليمن عام 1916 الوارد في كتاب رحلة في بلاد العربية السعيدة.

  • يشار لتدفق القبائل العربية (العرب العاربة) الى فلسطين وشمال الجزيرة بدءا من 200ق.م لسبب الحروب والمجاعة.
    [ قبيلة بني اسرائيل المندثرة] (بني إسرءيل برسم مقترح من د.زياد منى للتمييز عن الجُدُد المحتلين في بلادنا)هي اسم علم لقبيلة عربية قديمة مندثرة، جاءت من قبيلة حِمْيَر سواء وجدت في اليمن (حسب الروايات الحديثة) أو حتى في فلسطين، (أو في أمريكا الجنوبية!) فهي قبيلة مندثرة لا علاقة لها بهؤلاء اليوم المحتلين لبلادنا ممن تسمّوا بنفس الاسم، وهي قبيلة مندثرة تاريخيًا كقوم عاد وثمود ولوط وقوم نوح…الخ، والمعلوم أن الصلة الروحية أو الدينية بين الأقوام القديمة وبين المعتنقين للدين، أي دين، لا تؤسس لحق تاريخي أو جغرافي بمعنى أن كوني مسلم لا يعطيني حق الانتساب لقريش أو الادعاء بملكية مكة والمدينة، وكذلك الحال مع معتنق الديانة اليهودية وفلسطين.
    [اسرائيل] الواردة في القرآن الكريم جاءت فقط كذكر لشخص أو لقبيلة بائدة منتسبة له، ولم تذكر اللفظة بتاتًا للإشارة الى (بلد / اقليم) أو (شعب) أو (وطن) أو (أرض) أو (مملكة) قط، وفي كثير من أحداث التوراة وردت كصفة لقوم أو قبيلة.
    [ عابر ، اليهود، اسرائيل] من المهم التفريق بين المصطلحات الثلاثة فالأول جد أعلى (عابر)، والثانية ديانة، والثالثة قبيلة منقرضة.
    ] د.إبراهيم عباس[ يكتب في مسار الدفاع عن فلسطين والقدس وعروبتها وحقنا ما يدحض الأباطيل الصهيونية في فلسطين، ولكن ضمن اعتبار مسرح أحداث التاريخ القديم أنه في فلسطين، كما الحال مع عدد من المفكرين والمؤرخين الآخرين أمثال أحمد الدبش، وعصام سخنيني، وزياد منى وفراس السواح، ود.علاء أبوعمار بنظريته الجديدة حول الأثر الهندوسي وغيرهم.
    ] المؤرخون الجدد [ نجد أنه منذ سبعينيات القرن العشرين ظهر جيل من العلماء رفضوا الروايات التوراتية “الكتابية” نتيجة ظهور الحقائق استنادا للعلوم الحديثة المتصلة بالآثار واللغات القديمة والنقوش ومقارنة الأديان والإناسة (انثروبولوجيا) ودراسة علم تاريخ المناخ أمثال: توماس تومسون وفيليب ديفيز ، والأمريكي جوستا آلستروم (أعتبر الرواة الكتابيين غير صادقين)، ونيلز بيتر لمكة (اعتبر العهد القديم تاريخ مخترع ومخلوق مشوّه)، وجيوفاني غاربيني، وكيث وايتلام
    ]جون بارتلت[ رئيس كلية كنيسة أيرلندا اللاهوتية في دبلن يقول عن التوراة أنها: “كتاب ذو أصول ومضامين متنوعة. فهو مجموعة مقتطفات تضم شرائع يهودية قديمة وأساطير وخرافات وترانيم وأناشيد وأغاني حب وأمثالا وتنبؤات وقصصا وتراجم وتواريخ ورسائل ورؤى وتأملات فلسفية كتبت في أزمنة مختلفة ما بين القرن 8 ق.م وبدايات القرن 2 ق.م وقد كتبها مؤلفوها العديدون لتستجيب لمتطلبات أزمانهم وليس لزمننا. أما المؤرخون منهم فقد كتبوا التاريخ كما رأوه هم وقدموا ماضي إسرائيل بلغة صممت لتستجيب لأجندتهم السياسية والدينية وليست لأجندتنا”
    [كيث وايتلام] يقول في تأويل التوراة أنها مجرد نسخة متخيلة أملتها تطلعات الفكر الاستشرافي لاستعمار فلسطين والمنطقة.
    [فاضل الربيعي] هو و عديد المفكرين والبحاثة يرجّحون أن روايات التوراة -بعد تشذيب المبالغات والأساطير فيها- وقعت في اليمن القديم . ففي كتابه الثمين فلسطين المتخيلة، أرض التوراة في اليمن القديم والمكون من 1200 صفحة (لحقه كتبت عديدة أخرى منها “اسرائيل المتخيلة”، والقدس ليست أورشليم) يوضح تطابق وانسجام السرد للمكان والزمان بين سفر صموئيل في التناخ، وكتاب الهمداني ومكان الاحداث، كلها في مكان هو سُراة اليمن بالبحر الأحمر، وما يشير إليه من قبيلة بني اسرائيل اليمنية الحميرية. ويشير الربيعي وديب لحقيقة التلاعب المقصود بالحقائق التاريخية والجغرافية.
    [كمال الصليبي] وفي أبحاث كمال الصليبي وكتبه مثل: خفايا التوراة وأسرار اسرائيل، وكتاب: تاريخية اسرائيل التوراتية، والتوراة جاءت من جزيرة العرب ما اعتمد فيه على فقه اللغة (الفيلولوجيا) في تفسير التوراة خاصة سفر صموئيل الأول والثاني حيث قصة واود وسليمان. وفي اشارات العديد من العلماء لتشوّه النص التوراتي عندما نُقل من الآرامية الى اليونانية عندما كتب من 72 كاهن (التوراة السبعينية).
    [الملوك في فلسطين] إن وجود الأنبياء لدينا كمسلمين ثابت، وهم كل من ذكروا بالقرآن الكريم، وهم أو بعضهم ممّن يسميهم اليهود الديانة ملوكًا وهذا شأنهم كما هي الحال مع داوود وسليمان، الا أنه لم يثبت آثاريا أوتاريخيا وجودهم في فلسطين.
    [الهيكل] : بنى الهيكل في أورشليم اليمن كدار عبادة أو مسجد للموحدين، وحتى ما يسمى الهيكل الثاني أو المعبد سواء في اليمن أو فلسطين حسب الروايات المختلفة بالجغرافيا كمسرح للاحداث القديمة فإنه بنى للعبادة للوثنيين وغيرهم من قبل الملك العربي حرد/هيرودوس.
    [اسرائيل فنكلستاين] مما يقوله “أن العديد من أحداث التاريخ التوراتي لم تحدث لا بالمكان ولا بالطريقة ولا بالأوصاف التي رويت في الكتاب المقدس العبري … بل إن بعض أشهر الحوادث لم تحدث مطلقا أصلا”. مشيرا الى أن التاريخ التوراتي تم تأليفه “لإشباع طموحات سياسية واصلاحات دينية وتبريرات أيديولوجية”، وما يكذب الروايات هذه تناقضات الآثار مع قصص التوراة.
    [فيكتور سيجلمان] الصهيوني يؤكد أن علماء الآثار لم يعثروا على شيء ، ومع ذلك فهناك ارتباط يهودي بفلسطين!؟
    [يوليوس فيلهاوزن] العالم الألماني يقول: يجب النظر للقصص التوراتية كأساطير وطنية تماما مثل ملحمة هوميروس.
    [أروشليم حسب فنكلستاين] كانت قرية نائية، والإسرائيليين كانوا غرباء، وليسوا من السكان الاصليين لكنعان كما يورد العالم (طوماس طومسون).
    [الربيعي أيضا] يشير لوجود 3 مدن أو بلاد اسمها قدس، وواحدة اورشليم. والأربعة في اليمن القديم. ويشير الى أنه بحدود 130 ق.م هاجرت قبائل عربية وثنية وموحدة (يهود الديانة) لحاضرة الامبراطورية الرومانية أي الى الشام. ويشير لإقليم (بلاد السمرا) أنه ما زال حتى اليوم في شمال اليمن وهو ليس في فلسطين.
    [احمد الدبش] مما يذكر الباحث أحمد الدبش أن أرض كنعان أو أرض فلسطين حسب الرواية الاستعمارية الاستشراقية هي ما تسمى (أرض الميعاد) وهذا باطل وخرافي، بينما الحقيقة أنها جزء من بلاد الشام.
  • والفلسطينيون قبائل جزرية (نسبة للجزيرة العربية)، وليست مصطلح سامية حيث لاسام بالتاريخ أصلا، استوطنت فلسطين.
  • ويشير لإطلاق هيرودوت على المنطقة من جنوب دمشق الى سيناء اسم فلسطين، ولا ذكر لديه للأحداث التوراتية كما ان الكتابات الاغريقية تصف سكان فلسطين حتى القرن 2 ق.م بانهم سوريين أو بسوريي فلسطين.
    حقائق وجدل
    1- قضيتنا ليست قضية دينية توراتية، ولا تاريخية قديمة خُرافية.
    2- قضيتنا ليست قضية أرض تواجدنا [معًا] فيها مطلقا.
    3- ولا يستقيم السؤال: هل هي أرض متنازع عليها؟ أم نحن غرباء؟ أم أصحاب الأرض؟ فنحن بلا جدال أصحاب هذه الأرض منذ الأزل (بالحد الادنى لحضارة 4000 عام، ووجود بشري يقرب نصف مليون سنة).
    4- نرفض الفكرة الأسطورية العنصرية القائلة بوجود أناس مقدّسين (شعب الله المختار) وآخرين مدنّسين (الغوييم،الأغيار)؟ (حاشا لله أن يكون منه ذلك))، لأن المقدس هو الله وما التقرب اليه الا بما قاله أي التقوى
    5- إن جوهر قضيتنا اليوم إنها قضية استخراب/استعمار واحتلال لوطننا وبلادنا وأرضنا، ولا صلة لادعاءات هذا الاستخراب/الاستعمار والاحتلال بالواقع والحقيقة من أي زاوية شئت، وإنما استند باغتصابه لفلسطين على أهداف توسعية واقتصادية استعمارية، ثم لخرافات تناخية/توراتية.
    6- القدس ليست محور أو جوهر الصراع العربي الصهيوني فقط، بل إن استعمار واحتلال كل فلسطين العربية هو الجوهر.
    7- صراعنا ليس دينيا مطلقا، فلو أسلم كل اليهود المحتلين لبلادنا يظلون مستعمرين محتلين.
    8- مقولة أن فلسطين هي أرض الأنبياء ما قبل عيسى، لا دليل عليها بتاتًا وغير ثابتة لا تاريخيا ولا آثاريا.
    9- قام اليهود المحتلين لبلادنا عام 1949 بتزوير الأسماء العربية الفلسطينية لوطننا من أراضي ومدن وقرى وشوارع، ووديان ووِهاد وجبال وخِرب… الخ وتحويلها لأسماء توراتية بلجنة مزورين من 9 أشخاص (كتاب الإسرائيلي ميرون بنفستي: المشهد القدس).
    10- كل المرويّات التوراتية التاريخية المتضخمة ماهي الا خرافات وأساطير مختلقة ومختلطة مع وقائع حصلت، لكنها بالرواية مضخّمة، ومع شخصيات حقيقية ووهمية، ولا قيمة تاريخية لها لا علميا ولا ماديا.
    11- ما يجمع اليهود من مختلف البلدان والقوميات في العالم مع فلسطين اليوم بوجودهم فيها غزاة محتلين هو قرار التقسيم عام 1947 ثم الاحتلال لوطننا، ولا قيمة لما قبل ذلك.
    12- الخلاصة: إن الوجود للصهاينة من أصحاب الديانة اليهودية المتسمّين اسرائيليين فوق ثرى أرض فلسطين هو وجود استخرابي/استعماري احتلالي عنصري يجب ان يزول، فلا حق لهم، ولا يحزنون.

خاتمة: فلسطين تحت الأرض وفوقها لك
لا شك في عروبة فلسطين منذ 10000 عام (عشرة آلاف عام، والبعض يرجع الحضارات الناطوفية والكبارية في فلسطين الى 18-20 ألف عام). أما وجود قبيلة بني إسرائيل العربية المنقرضة هنا، فهو حراك عربي لا شأن مطلقا لقاطني أرضنا اليوم من المنتمين للديانة اليهودية بهم.
بمعنى أنهم “أي سكان الكيان” من قوميات عدة ليس بينها رابط وراثي DNAقومي مع بني إسرائيل العرب القدماء المنقرضين أبدا.
ونحن – اليبوسيون والكنعانيون “الكُنانيون” والفلسطينيون العرب “الفلستيّون”- من قبيلة طيّ وغيرها من قبائل العرب (والكرثيين-كريت-العرب) وجدنا في فلسطين قبل الميلاد وانشأنا الحضارة والمدنية والقدس.
وفي ظل سقوط رواية العصر السليماني الداوودي (المنتَسَب لهم من يهود العالم روحيا لا قوميا) في فلسطين تحت وطأة الابحاث الجديدة والآثار والعلم تسقط أكذوبة الهيكل.
واعترافنا بالنبيين لا ينتقص من ايماننا الديني أبدا سواء كانوا بإمارتهم المحدودة في الارجنتين او استراليا او اليمن. ولكن الحقيقة ان لا تاريخ لهم هنا ومسرح جغرافيا التوراة يخضع لبحوث عميقة من علماء كبار جردته من اكذوبة انطباقه على فلسطين .
وبأي مكان كانت الأحداث التوراتية الممتزجة بالأساطير-مع الاعتبار بخرافية وكذب الكهنة كتبة التوراة بالكثير منها- فان ذلك لا يعطي حقا لأتباع اي ديانة بأرض منشأ الديانة البتة، أي ديانة، ولا لحجر فيها، ويبقى الانتماء الروحي دائم، أما الانتماء للأرض فلشعبها فقط.
ولم تكن المجموعات البشرية المنتمية لليهودية اليوم إلا لأوطانها حسب قومياتها ولم تكن شعبا عبر التاريخ مطلقا، والديانة لا تصنع شعبا او عرقا. ففلسطين فقط للعربي الفلسطيني كما اليمن للعربي اليمني.
والقوميات المتناثرة المنتمية للدين اليهودي لها بلدانها، وان وجدوا هنا لهدف استخرابي/استعماري غربي تفتيتي للأمة فهو استغلالي محض مغلف بزيف ديني ولهم بذلك قرار التقسيم فهنا فقط تبدأ المشكلة والحل، ولا نحتاج لأي مخاتل او كذاب بالتاريخ من الاسرائيليين اليوم او أعوانهم ليحاول ايجاد صلة قومية او صلة بهذه الأرض ما هو فاسد علميا.
اما أضاليل الشعب المختار والارض الموعودة والتفضيل فهي أضاليل، فالله سبحانه ليس متعصّبا لقبيلة ضد اخرى حاشا لله وهو ليس وكيل أراضٍ.
ولا نهتم بعدد الأنبياء أكانوا أم لم يكونوا هنا حسب الروايات المختلفة التي تؤكد عدم وجودهم الجغرافي هنا. اذ يكفينا قداسة القبلة الاولى هنا ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومهد المسيح عليه السلام.
وما مفهوم التفضيل القرآني لأي بشر الا بمعنى فضّلهم بالإيمان والتوحيد أو بالعلم والدعوة بزمانهم المنقضي.
وما مفهوم الأرض التي كتب الله لكم-اي كانت للقوم او الجماعة وبأي جغرافيا- الا بمعنى فرض الله عليكم الدعوة فيها للإسلام او التوحيد وليس لترثوها ابنا عن أب فالوراثة الدينية للعلم والدعوة والأرض يورثها الله بعد لعباده الصالحين.
فلا تنتكس ولا تبتئس ايها المسلم ايها المسيحي ايها العربي ايها الفلسطيني فالأرض لك والسماء والبحر، وما تحت الأرض يشهد وما فوقها، ونبدأ مع هؤلاء الطارئين فقط من النكبة.

الملاحق
عشر نقاط في”قانون” القومية اليهودية.
“قانون” العنصرية القومية الاسرائيلي الأخير الذي أقر في 19/7/2018 هو قانون يتميز بوجهه الفاقع الألوان لما يحمله من عناصر ذات مضامين عنصرية أبارتهايدية واستعمارية واحتلالية.
وفي ذات الامر تجد مجموعة من السياقات والارتباطات التي تجعلك تقف مشدوها عند عتبة من يسمون أنفسهم مشرعين في الكيان الصهيوني، إذ يشرعون الأساطير، على مادرج عليه كتبه التوراة قديما بالزاوية التاريخية من الكتاب، ويضربون الديمقراطية عرض الحائط كما يضربون القوانين الدولية.
1-“الشعب” اليهودي
يذكر ما يسمى “القانون” عبارة محيرة ومضللة وفاسدة هي “الشعب” “اليهودي”! ولم يسبق أن كان لديانة في العالم “شعب” خاص بها؟! وان كان يصح أن يطلق على أتباع أي ديانة أمة، فالامة فوق الشعوب والقوميات والعرقيات.
أن مفهوم “الشعب” الحديث يرتبط بكيان جغرافي سياسي قانوني، وان تشكل من مجموعات عرقيات او قوميات، ما لا ينطبق ولا على أي دين مطلقا بما فيها الديانة اليهودية.
وثبت مؤخرا سقوط الوهم الصهيوني علميا الذي حاول ربط مورّثات/جينات الاوربي معتنق اليهودية بجينات الافريقي أو الفارسي معتنق ذات الديانة، فكذّبه العلم.
كما كذّب رمل فلسطين وحجارتها فرية/أكذوبة “الهيكل”، فلم نجد دليلا من علم الاحياء على رابطة دم أو عرق أو قومية أو شعب اسمه “الشعب اليهودي” لا قديما ولا حديثا.
يقول النص العنصري للقانون: دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي
2-“أرض” “اسرائيل”
ترد مثل هذه العبارة في مشروع القانون في محاولة بائسة للربط التاريخي بين ماض فات ومات وانقضي، ولا صلة لأهل الحاضر به، وبين حاضر مشروط في القرار 181 أي قرار التقسيم لفلسطين.
دون الغوص بالتفاصيل والمرجعيات والأبحاث العميقة والآثار، فلكم القراءة بعمق لكل من (فاضل الربيعي وفرج الله صالح ديب وزياد منى وأحمد الدبش وكمال الصليبي وبكر أبوبكر، واسرائيل فنكلستاين وزئيف هرتزوغ وشلوموساند، أرثر كوستلر، وكاتلين كينون…الخ) لتكتشفوا الاكاذيب والخرافات التي صعدت منبر الكنيست لتصبح قانونا؟
إن كانت “أرض” “اسرائيل” هي المساحة المقامة عليها دولة “اسرائيل” على جزء من أرض فلسطين اليوم حسب قرار التقسيم فهي لم يكن اسمها بنص القرار إلا فلسطين، أظن واضح.
أما أن كان المقصود الرجوع للرواية التاريخية التوراتية! فلم يعد علماء التاريخ يضعون الكتب المقدسة وعلى رأسها التوراة في مكتبة التاريخ، بل هي نصوص دينية وليست تاريخية.
أضف لذلك أن المضامين التاريخية الواردة بالتناخ/التوراة سقطت في فلسطين بتفاصيلها تحت تراب فلسطين وآثارها الصادقة، فلا مُسميات ولا ملوك ولا يحزنون فأين فِرية “أرض” “اسرائيل” الخرافية في فلسطين تاريخيا؟ النتيجة صفر
يقول النص المخادع في قانون القومية الذي أقره الكنيست: أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وفيها قامت دولة إسرائيل
3-“اسرائيل”
في ذات السياق اإن كان المقصود ب”اسرائيل” الكيان الحالي، فهو معترف به مشروطا بقيام الدولة الفلسطينية بوضوح، وبتحديد الحدود، والدولتان تقامان على أرض فلسطين، فلا يوجد أرض اسرائيل هذا حسب قرار التقسيم.
أما إن كان ايراد المصطلح هو للتضليل وللايهام بالصلة بين سكان فلسطين الحاليين من اليهود وقبيلة بني اسرائيل البائدة فهذا محال.
إذ لا صلة الا بالانتساب بالاسم فقط- فمن اسمه خالد اليوم لا يعني أن له صله بكل الخوالد ممن سبقوه وان ادعى ذلك- في معادلة تحاول أن تقول ان الاسرائيلي كقبيلة -أو لاحقا بادعاء أنها قومية- هو ذاته اليهودي كديانة؟!
وكأن الدم النقي لذات العرق والدين يجرى بنفس العروق! وهو تشويه ساقط تاريخيا، وعلميا انثروبيولوجيًا واخلاقيا.
إن القبيلة العربية المندثرة أي قبيلة بني اسرائيل -آمن جزء منها بالتوحيد ولم يؤمن جزء آخر، وحرّف آخرون التوحيد- وُجِدت مع قبائل عربية أخرى كثيرة في بقعة جغرافية ما مختلف عليها، وآمن منها من آمن، ومن القبائل الأخرى ثم آمنت قبائل فارسية وتركية…الخ، ولاحقا من الخزر في روسيا بعد القرن 11 الميلادي (غالبية الاسرائيليين اليوم منهم أي خزر وسط آسيا-في روسيا اليوم، واوربيين) ما يقطع خرافة الانتساب القومي للديانة، أو الانتساب للحاليين للقبيلة البائدة القديمة.
4-“أرض”
خرافة الأرض هي خرافة مضحكة بحد ذاتها، فلم يكن هناك عبر التاريخ لا في فلسطين ولا في اليمن-على مختلف الروايات-شيء اسمه “أرض” “اسرائيل” وان قامت إمارات/مخلافات جمع مخلاف/مشيخات بمصطلح عالم التاريخ الكبير توماس طومسون متعددة للقبائل ومنها قبيلة بني اسرائيل العربية المنقرضة في رواية أنها باليمن وبالرواية المتداولة في فلسطين.
في الحالتين لم تكن “الأرض” الا لمواطنيها، وهم العرب الكنعانيون والفلسطينيون، ولم يكن هناك شيء اسمه “أرض” اسرائيل بغض النظر عن مسميات الأمارات/المشيخات التي يطلق عليها البعض مسمى ممالك وهو اسم متهافت، فلم تكن الا سوى إمارات قبلية محدودة المساحة والعدد والعدة، نفخ فيها الكهنة المزورين للتاريخ ليسموها وكانها امبراطورية تمتد من فراتهم الموهوم لنيلهم المكلوم.
ويمكن لمن يشاء العودة لكتب الباحث والمؤرخ التقدمي الإسرائيلي “شلومو ساند/زاند” بكتابيه اختراع أرض إسرائيل، والكتاب الآخر المعنون: اختراع الشعب اليهودي.

5-حق تقرير المصير
يرد في نص القانون أن: ممارسة حق تقرير المصير في دولة إسرائيل حصرية للشعب اليهودي.
وكما قلنا أن لا شعب لديانة، والحصرية في ذات القانون تنفي قانونيته وتقطع بعنصريته كما كان الحال في القوانين العنصرية في جنوب افريقيا، حيث يمنع المواطنين الأصليين أهل البلد -أي نحن العرب الفلسطينيين- من تقرير مصيرهم الذي كفلته لهم الشرائع والقوانين طُرًا ومنها في نص قرار التقسيم، وفي قانون عودة اللاجئين، وما تلاها من قوانين.
النص هذا وما سواه تقنين للعنصرية والكراهية والرعب من الآخر بلا جدل، وتكريس لعقلية الاستعمار والاحتلال، والهيمنة والاستعلاء واحتقار الآخر.
6-القدس
يرد في قانون القومية العنصري: القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل.
وهذا لا يتفق لا مع القانون الدولي، ولا مع قرار التقسيم الذي دوّل المدينة، كما لا يتفق مع فكرة حل الدولتين بتاتا وهي الفكرة التي يعترف بها كل العالم اليوم إلا “اسرائيل” وأمريكا.
وضمن القرارات العديدة حول القدس، فلا لبس لدى العالم أنها مدينة محتلة، ومن آخرالقرارات ما كان عام 2017 حين صوتت منظمة العلوم والثقافة والتربية “اليونسكو” التابعة للأمم المتحدة بأغلبية أكثر من الثلثين لصالح قرار يعتبر القدس مدينة خاضعة للاحتلال الاسرائيلي.
عدا عن أن مساحة القدس الحالية قد خضعت لتعديلات عدة منذ الاحتلال الانجليزي فالوجود الاردني ثم الاحتلال، فلا يفهم كيف تزداد الحدود او تنقص بمعنى أن تقتطع من أراضي 1967 الكثير تحت حجة القدس الموحدة.
وفي الاشارة التاريخية ل”اسرائيل” و”الأرض” و”الشعب” و”القدس” ما يشي بدلالة أنها عاصمة مرتبطة بالتاريخ الخرافي أوالموهوم، وسبق أن أشار علماء الآثار العرب والاسرائيليين والاجانب الا أن القدس نطقت بعروبتها بلا جدال.
فلا ملوك يهود الديانة أو من القبيلة البائدة والتي لا صلة لهم بها، ولا هيكل ولا غيره وجدت على هذه المساحة من الارض، أي في فلسطين وفي القدس، وحتى لو وجدت في أي مساحة من الأرض العربية، فهي لا تتيح لاحد الادعاء بامتلاكها استنادًا لوهم تاريخي او لوهم ديني وخرافة شعب الله المختار أوالمُفضّل أوالمقطوع وصفه، والذي أصلا انقطع تاريخيا إن قصد به حسب التوراة القبيلة أي قبيلة بني اسرائيل العربية.
عدا عن أن مفهوم أفضلية قبيلة (لذات جنسها) أو قوم وليس “شعب” عند الله من الزاوية الدينية غير صحيحة. وإنما الأفضلية هي فقط بمقدار اقتراب الأفراد-كل فرد-في أي جماعة/قبيلة من الله سبحانه وتعالى، وفق القاعدة الربانية “إن أكرمكم عند الله أتقاكم”، وبالتالي يعني أفضلكم والمحبب لله ومن يدخل الجنان. والأكرم والمفضل هو أكثرهم طاعة وانكفافًا عن المعاصي، لا أكثرهم قرابة وقومًا، ولا أشرفهم نسبًا، أي بعيدًا عن خرافات العنصرية أو غيرها التي لايليق إلباسها للخالق جل وعلا.

7-حق العودة
يقول القانون العنصري الاسرائيلي: تكون الدولة مفتوحة أمام قدوم اليهود ولمّ الشتات.
بمعنى أنه واتباعا لما يسمى “قانون العودة” الاسرائيلي المقر عام 1950 يؤكد القانون الجديد شرعنة حق اتباع الديانة اليهودية جميعا بالهجرة لفلسطين.
أما الفلسطينيين أهل البلاد الحقيقين والأصليين، والمكفول حقهم دوليًا بنص القرار 194 الأممي فلا قيمة له لدى الكنيست والكهنة العنصريين الساديين الحاكمين في تل أبيب.
نقول لا قيمة قانونية البتّة الا لما يتفق مع الحق الطبيعي والأصيل والتاريخي لفلسطين، ويتفق مع القوانين والأعراف الدولية الاممية التي تنطبق علينا.
8-الاستخراب/الاستعمار/الاستيطان
يقول نص القانون: تعتبر الدولة تطوير استيطان يهودي قيمة قومية، وتعمل لأجل تشجيعه ودعم إقامته وتثبيته.
هذا النص يشرعن الاستيطان/الاستعمار/الاستخراب في الدولة الفلسطينية المعترف بها دوليا والواقعة تحت الاحتلال الاسرائيلي، والتي تسعى للاستقلال، والعضو المراقب في الأمم المتحدة منذ العام 2012 وبموافقة 139 دولة، أي كل العالم تقريبا.
النص أيضا تحدٍ واضح لقرارات الأمم المتحدة الكثيرة، والتي كان آخرها القرار ضد الاستعمار/الاستيطان رقم 2334 المعروف والواضح برفضه القطعي للاستيطان الصهيوني.
بل وإسقاط للاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية بما يعرف ب”اتفاق أوسلو”، الذي لم يعتبر أراضي الضفة، كماتسميها الدولة العبرية الآن “يهودا والسامرة”! بمعنى انها جزء من أرض “اسرائيل”.

9-كل اليهود
يقول نص القانون:تعمل الدولة في الشتات للمحافظة على العلاقة بين الدولة وأبناء الشعب اليهودي.
هو نص يفترض أن كل يهودي بالعالم من أي جنسية كان أو من أي قومية/اثنية كان هو اسرائيلي! أي منتمي ليس لدولته وانما ل”اسرائيل” الحالية! ما يضرب مباديء ومواطنيّة الكثير من الجماعات اليهودية التي تعتز بانتمائها الديني، وتعتز بمواطنيتها للدولة التابعة لها، وترفض ربطها بالكيان الاسرائيلي.
فأن اكون يهوديا هذا خيار إيماني عقدي، ولا يعني مطلقا أن اكون تابعا لدولة “اسرائيل” كما هو حال تنظير هذه الجماعات، ما ينفي الادعاء بصلة “دولة” “اسرائيل” حسب القانون بكل يهود العالم.
10- اللغة العربية
عندما يلغي القانون الاسرائيلي اللغة العربية من أن تكون لغة رسمية، ويقصر لغة الدولة على أنها فقط اللغة العبرية، فهو ينفي وجود اللغة التي لم تعرف أرضنا إلاهي أي العربية. (الأرامية والكنعانية والفينيقية الخ من لهجات/لغات العرب القديمة)
“القانون” يظهر العنصرية ضد الآخر بلغته وكيانه وثقافته بوضوح ما يذكرنا بالتمييز العنصري النازي ضد اليهود الأوربيين، وضد من وقفوا مدافعين عن الحرية في وجه النازية من مختلف القوميات الأوربية.
عندما تحارب اللغة العربية فهي محاولة لطمس التاريخ وعنوان سطوره، وطمس الرواية والثقافة الأصيلة والحضارة كما تم العبث بالجغرافيا والأسماء والمسميات، والديمغرافيا في فلسطين، فلم يبق الا قطع الصلة الروحية والفكرية والحضارية مع حق الأرض والشعب أن يتكلم لغته، فتنمحي الشخصية كليا، تمهيدا لتذويب من يبقى في إطار التبعية الخدمية الاستعمارية للمحتل وتفوقه العنصري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى