المقالات

دعوة للحوار …أم للخوار … كتب الإعلامي الدكتور باسم عساف

ما أوصل البلاد الى الدرك الأسفل من النار ، التي تتلظى بها الفئآت الشعبية ، وكل من هو غير محسوب على خطوط طيران المنظومة السياسية التي تقود السلطة منذ وضع دستور الطائف ،الذي كرَّس السلام وأوقف التقاتل ، ووضع الأمور بنصابها إثر أحداث وتصادم دام أكثر من خمسة عشر سنة ، بين أفرقاء السياسة العرجاء وميليشيات القتل والإجرام على الهوية ، بدافعٍ عصبيٍ وفئويٍ ، مدفوعٌ من الحاقدين المتربصين بهذا البلد أدى الى مئآت الآلاف من القتلى والجرحى والمعوقين والمشردين…
وذلك إمعاناً في تقسيمه وتفتيت شعبه ، لئلا يكون كياناً واحداً موحداً يعطي المثل والمثال لكل دول المنطقة التي تتعرض اليوم الى التقسيم بالأرض… والتفتيت للعرض…
لقد إنتقل خاطفوا هذا البلد الذين يطيرون به بجناح واحد ، وهم يحلقون عالياً بأجواء الفساد ، غير آبهين للمطبات الهوائية ، أو للرياح العاتية بما لا تشتهي أنفسهم…
أكانت من السماء حيث أن العدالة لا تتجزأ في حسابها للقصاص من الظالمين المستبدين بحقوق المظلومين ، والناهبين لأرزاق المحرومين والمواطنين…
أم من الأرض التي تتحضر لتتحطم على رؤوسهم طائرة الخطف المجنون …وتصب عليهم نار الفتون والمجون… لينالوا عقاب ما يَجنون … من قهر للشعب وبه ما يمعنون… وهم للكذب والرياء في وعودهم يُزيِّنون… وبالخذي والعار سوف يُهانون… وليعتبروا أن بالمال لا يغنون…
الحكم والحكومة باتوا على المحك في الدعوة الى الحوار.. والى التلاقي على محجةٍ بيضاء بثبات .. والى تأكيد النوايا الحسنات.. لإيجاد الحلول والمخارج من تراكم الأزمات.. الضاغطة على رؤوس المواطنين من شتى الفئآت .. والتي وصلت الى حافّة الممات ..
فلا أعذار واهية بالشروط ، والشروط المضادة من هنا وهناك ، تصب جميعها نفعاً للمصالح الشخصية أو الخاصة ، والمعكوسة على المصلحة العامة أضراراً لا تعد ولا تحصى…
إن المسار المتبع في هذا العهد ، الذي يشارف على نهايته دونما أي حوارٍ واقعٍ منذ البداية مع حسن النوايا ، على التضامن والتعاون والتلاقي على نهضة الوطن ، وخدمة المواطنين ، وإنماء البلد والخروج من المحن ، وإثبات الإصلاح والتغيير الحقيقي بالفعل ، لا بالوعد والقول ، فلن تجدي الدعوة للحوار في آخر الزمن من منظومة الفساد ذاتها أن : (تشيل الزير من البير ) …
ولا أن تكمل المسير .. على هذا المنوال من تقرير المصير .. لأن حبل الكذب قصير .. مع فضح شعار الإصلاح والتغيير .. فإنتهت معه محاولات التجيير .. لمن أوصلنا لمستوى البعير .. بعد أن كُنّا الوهج المنير .. والقدوة للصغير والكبير…
الألاعيب كثيرة ، والأفلام والمهمات عديدة ، والسيناريوهات متعددة …واللاعبون كثر .. والأدوار توزع على الممثلين ، وفق التعليمات والمسؤوليات ، وهي موثقة وموزعة بإتقان ، حتى تكتمل المسرحية واللعبة الموضوعة لها وللممثلين النجباء..حتى لا نصفهم بالجبناء .. وفق الأدوار التي يجسدونا على الساحة السياسية ، ومنها على الأرض اللبنانية ، التي أجدبوها بالقحط التحاصصي ، وبالشفط التخاصصي ، وبالنهب التماصصي.. الذي يستوجب حكم الشعب التقاصصي…
ما يتردد ويشاع عن دعوات الحوار ، وقد جاءت على مقولة: (يطعمك حجة والناس راجعة ) .. ليست إلا فصل من فصول المسرحية التي تهدف الى تمرير الوقت وتسويف الأمور وترداد الإلهاء بمواضيع تافهة نسبة الى تقرير المصير والخروج من أزمات الخزي والعار .. لهذا العهد القوي الجبار .. الذي أوصل الشعب الى جهنم والنار .. وقضى على مؤسسات الدولة بالدمار .. وجعل الشعب كله يحتار .. بين سعر صرف الليرة والدولار .. مما نغصَّ معيشته بين سندان التجّار .. وبين مقصلة الفجّار …
الحكم والحكومة… وجهان لعملة واحدة ، وهم جميعاً يتداولون بسلعة واحدة ، لتسويقها في محاصصاتهم ، ويتقاسمون بنهاية تجارتهم المغانم والأرباح مما يجنون من سحب أموال الشعب ، أكان ذلك من فروقات تسعير المنصات ، أو فروقات تسعير العملات ، أو من فروقات حسابات البنك المركزي والمصارف ، أو من فروقات التهريب الرسمي والشعبي على المعابر ، أو من فروقات تسعير المشاريع التوافقية ، أو من فروقات ريع رفع الدعم عن السلع الخدماتية ، ….إلخ…
وهذا كله يصب على كاهل المواطن التي تجنى جميعها على ومن حسابه المنهوب ، على جميع الأشكال والألوان والصفات…
ماذا ينفع الحوار … مع هذا الخوار … وماذا تكون النتيجة مع هؤلاء الشطّار … الذين يعاملون المواطن كالحمار … وقد تناسوا أنهم ممن إختار … في صناديق الرشوة والعار … وهي لا تتكرر مع الأخيار …في أي إستحقاق قادم للإختيار … لتجسيد الإصلاح والتغيير في المصير والمسار …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى