فلسطين

البيان الختامي الصادر عن المؤتمر السادس للتحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين رام الله وأوروبا (عبر تقنية زوم) في 13/12/2020

المؤتمر يطلق حملة دولية من أجل التضامن مع الأسرى المرضى ويدعو لاطلاق سراحهم
تحت شعار “كل التضامن مع الأسرى المرضى والحرية لأسرى فلسطين ” عقد التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين مؤتمره السادس في رام الله وأوروبا، وبمشاركة واسعة من 45 دولة عربية وأوروبية وروسيا والولايات المتحدة عبر تقنية زوم، بتاريخ 13/12/2020 وسط ظروف بالغة التعقيد تعيشها الحركة الأسيرة، وخاصة الأسرى المرضى الذين يعانون من خطر حقيقي بات يهدد حياتهم في ظل استمرار الاستهتار الإسرائيلي وتفشي فايروس كورونا، وتنكر سلطات الاحتلال وإدارات سجونها لحقوق الأسرى التي كفلتها القوانين والاتفاقات الدولية، مما أدى إلى استشهاد عدد منهم، وكان آخرهم الشهيد الأسير كمال أو وعر.
وقد شهد المؤتمر حضورا عربيا وأوروبيا ودوليا واسعا شمل نخبة هامة من أعضاء برلمانت عربية وحقوقيين وقانونيين وممثلي مؤسسات وهيئات وأحزاب ولجان حقوقية دولية وحركات تضامنية مع الشعب الفلسطيني. وحشد واسع من قادة ونشطاء الجاليات الفلسطينية والعربية في بلدان المهجر الأوروبي والشتات، وممثلي لجان تنسيق التحالف الأوروبي في العالم.
كما شارك من فلسطين وزارة الصحة الفلسطينية وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير ومركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية والهيئة العليا لشؤون الأسرى والمحررين، ومركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس، والحملة الشعبية لإطلاق سراح القائد مروان البرغوثي ، والحركة العامية للدفاع عن الأطفال والعديد من أهالي الأسرى وأسرى محررين ومختصين بشؤون الأسرى والمحررين.
إن انعقاد المؤتمر السادس في فلسطين عبر تقنية زوم، وبهذه المشاركة الواسعة من دول اوروبا وآسيا وافريقيا وامريكا الشمالية، يؤكد من جديد على تنامي الدعم والتضامن الدولي مع نضال الشعب الفلسطيني ، ومن أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتحقيق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
كما وتوكد هذه المشاركة الواسعة في المؤتمر، على تنامي التضامن الدولي مع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وبشكل خاص المرضى منهم، وتؤكد أيضا على رفض وإدانة سوء الرعاية الصحية وسياسة الإهمال الطبي، التي تمارسها سلطات الاحتلال وادارات السجون والمعتقلات الإسرائيلية، ضد هؤلاء العُزل، والتي أدت إلى استشهاد العديد منهم، وكان آخرهم الأسير كمال ابو وعر.
وأكدت المداخلات على التضامن الكامل مع الأسرى والأسيرات وخاصة الأسرى المرضى، في نضالهم من أجل تحقيق حقوقهم في الحرية والكرامة الإنسانية، وكشفت المداخلات عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي الذي بلغ ما يقارب 4400 أسيرا واسيرة، من كل فئات الشعب الفلسطيني، من بينهم (الأسرى المرضى 700، المحكومين مدى الحياة 543، الأطفال 170، الأسيرات 41، المعتقلون إدارياً 380).
ويعاني ما يقارب 700 اسيرا يعانون أمراضا مختلفة، ، بينهم 300 حالة مرضية يعانون أمراضا خطيرة ومزمنة كالسرطان والفشل الكلوي وتشمع الكبد والشلل وبتر بالأطراف والضغط والسكري والامراض النفسية والمصابين بالرصاص قبل واثناء اعتقالهم، وهؤلاء بحاجة الى تدخلات فورية ونقلهم لمستشفيات مدنية لتقديم العلاج المناسب والسريع لهم لإنقاذ حياتهم. حيث أن هناك 11 أسيراً يعانون من مرض السرطان، وما يقارب 15 اسيرا يحتجزون بشكل دائم في ما يسمى مستشفى سجن الرملة، وهو عبارة عن عيادة صغيرة لا تتوفر فيها أدنى المقومات الطبية التي تتوفر في العيادات الطبية المتنقلة، والمكان سيء جدا، والاطباء فيه جنود وهواة من إدارة السجون لا يحملون شهادات طبية، تؤهلهم للتعامل مع المرضى وتقديم العلاج لهم، وهو ما ينطبق على العيادات الموجودة في 22 سجن ومعتقل ومركز توقيف. ولعل جريمة قتل الأسير الشهيد كمال ابو وعر بتاريخ 10نوفمبر الماضي، حينما تركته فريسة للسرطان الذي أنهك جسده واوصله للموت، أكبر شاهد على ذلك، فبين اكتشاف مرضه واستشهاده عام تقريباً، وباستشهاد أبو وعر ارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة الى 226 شهيدا، نصفهم ارتقت ارواحهم الى السماء نتيجة جرائم طبية. هذا بالإضافة إلى مئات آخرين توفوا بعد خروجهم من السجن متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون نتيجة التعذيب والإهمال الطبي وسوء المعاملة
ومن جهة أخرى ونتيجة لسياسة اللامبالاة والعنصرية الإسرائيلية، وصل عدد الاسرى الذي أصيبوا بفيروس كورونا حتى اليوم ما يقارب 140 أسيرا. و لم تتخذ إدارة السجون إجراءات السلامة والوقاية اللازمة لحماية الأسرى والمعتقلين، وكل ما اتخذته وما قامت به لا تلبي الحد الأدني، ومنها ما فاقم من معاناة المصابين حينما نقلتهم الى زنازين واقسام ادعت إنها للعزل، وهي أماكن قذرة تنتشر فيها الرطوبة والاوساخ ولا تصلح للعيش الآدمي.
بموازاة ذلك يتعرض الأسرى الفلسطينيون لسياسات التعذيب وسوء المعاملة بشكل ممنهج ومنذ لحظات الاعتقال الأولى مرورا بمراحل التحقيق المختلفة وخلال عملية المحاكمة وقضاء العقوبة داخل السجون، وليس انتهاء بظروف الاحتجاز وسوء الأوضاع الصحية، ولطالما قام الأطباء الإسرائيليين بالمشاركة بالتعذيب الجسدي العنيف داخل مراكز التحقيق، وأحيانا داخل عيادات السجون، او من خلال عدم توثيق آثار التعذيب بموجب المعايير الدولية والأخلاقية لمهنة الطب وعدم التبليغ عن هذه الجرائم.
وفي الوقت الذي تمعن فيه سلطات سجون الاحتلال الإسرائيلية في انتهاكاتها الجسيمة والمنظمة لقواعد القانون الدولي التي تمارسها بحقّ الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، تستمر في تجاهل ضمانات المحاكمة العادلة التي وفّرها القانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان، خصوصاً القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء 1955، وغيرها من الإعلانات والاتفاقيات الدولية التي تكفل حقوق الأسرى والمعتقلين.
ويواجه الأسرى والمعتقلين هذه الممارسات بما يمتلكونه من ارادة وعزيمة وإصرار على الصمود في مواجهة بطش وجبروت الاحتلال وذلك بإعلان الإضرابات الجماعية والفردية المفتوحة عن الطعام.
وفي نفس الوقت الذي يعبر فيه المؤتمر السادس عن قلقه البالغ إزاء هذه الوضع الخطير على حياة الأسرى وأوضاعهم الصحية، خاصة في ظل إمعان إدارات السجون واستهتارها بحياة الإنسان وبحياة الأطفال الأسرى، فان المؤتمر يدعو إلى تطبيق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ، وإلزام إسرائيل دولة الاحتلال على احترام وتطبيق القوانين الدولية في تعاملها مع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، كما ويدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة وواضحة، لمعاقبة إسرائيل ومحاسبتها على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، والحركة الأسيرة على وجه الخصوص، وفرض عقوبات دولية عليها. ويعلن المؤتمر السادس عن إطلاق حمله دولية للتضامن مع الأسرى واعتبار عام 2021 عاما للوفاء للأسرى.
ولهذا ويدعو االتحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين إلى حشد كافة الجهود الفلسطينية والعربية والدولية والعمل المشترك لتحقيق الأهداف التالية:
أولا: العمل على تغيير الظروف وبحث العوامل المسببة للأمراض وإنهاءها، وكذلك إجراء تغييرات وتحسينات على الأوضاع الصحية داخل السجون الإسرائيلية بما يضمن مستوى خدمات طبية أفضل وتأمين العلاج المناسب وينهي سياسة الإهمال الطبي المتعمد، التي تمارسها سلطات الاحتلال وادارات السجون الإسرائيلية بحق الأسرى ، وممارسة الضغط على حكومة الاحتلال، من أجل إطلاق سراح المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة فورا، لإنقاذ حياتهم.
ثانيا: إلغاء سياسة الاعتقال الإداري، وإطلاق سراح كافة المعتقلين الإداريين.
ثالثا: إطلاق سراح الأطفال والنساء وكبار السن.
رابعا: الافراج عن جثامين الشهداء الأسرى المحتجزة لدى سلطات الاحتلال، وتسليمها إلى أهاليهم ليتم دفنها وفقا للأصول والعادات المرعية.
ويؤكد التحالف الأوروبي على أنه سيعمل بالتنسيق والتعاون مع كافة المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والعربية والدولية وكافة المشاركين في المؤتمر من البرلمانيين والحقوقيين وممثلي أحزاب وجمعيات ونشطاء من أجل ما يلي.
1- تشكيل لجنة طبية دولية دائمة من اللجنة الدولية للصليب الاحمر ومنظمة الصحة العالمية، مكونة من اطباء دوليين متفرغين ومتطوعين، عليها القيام بزيارة السجون بشكل متواصل لمعاينة الأسرى المرضى وتقديم العلاج لهم. واستمرار الضغط على سلطات الاحتلال من أجل السماح لهم بزيارة السجون والمعتقلات الإسرائيلية
2- تشكيل فريق طبي قانوني يضم فلسطينيين ودوليين قادرين على قراءة الملفات والتقارير الطبية المتعلقة بالمعتقلين، وإبداء الرأي والملاحظات عليها، وإثارتها دوليا.
3- تدويل قضية الأسرى والإسراع في إحالة الجرائم المرتكبة بحقهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، وإلى القضاء الجنائي الدولي، حتى لا تبقى إسرائيل كسلطة محتلة فوق القانون الدولي وتستطيع الإفلات من العقاب.
4- الطلب من الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة عقد اجتماع عاجل لإلزام إسرائيل كسلطة محتلة باحترام هذه الاتفاقيات وتطبيقها على الأراضي المحتلة.
5- دعوة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان إلى تفعيل آليات لجان التحقيق ولجان تقصي الحقائق حول الممارسات الإسرائيلية بحق الأسرى والعمل على تنفيذ توصياتها في هذا الشأن.
6- تشكيل فريق يهتم بالعلاقات السياسية للتوجه الى الأحزاب والجمعيات والمؤسسات الأوروبية لتنسيق الجهود فيما بينها ورفع وتيرة التضامن مع السيرات والسرى البواسل كما وللتوجه الى البرلمان الاوروبي والبرلمات القطرية وللحكومات الأوروبية المختلفة.
7- رفض قرار حكومة الاحتلال بحسم مخصصات الأسرى من أموال المقاصة وتشكيل لجان مختصة دولية وعربية دائمة لتوفير الدعم للأسرى مادياً ومعنوياً، والعمل من أجل تأهيل ورعاية الأسرى المحررين وخاصة الأطفال والمرضى منهم، ودعوة رجال الأعمال الفلسطينيين لتحمل مسؤولياتهم في هذا الشأن.
8- توثيق أوراق العمل والمداخلات والنقاشات المقدمة إلى المؤتمر الأوروبي السادس في كتاب خاص واصداره في أقرب وقت ليشكل مرجعا للباحثين والمهتمين لتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان، والأسرى الفلسطينيين بشكل خاص..
إن التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين وهو يختتم أعمال مؤتمره السادس ليعبر عن مساندته ودعمه للأسرى في سجون الاحتلال، ويقدم شكره وتقديرة لكل المشاركين والمتابعين، ويؤكد من جديد على أنه سيواصل جهوده من أجل تدويل قضية الأسرى والمعتقلين في كافة المحافل الدولية، ومن أجل ملاحقة حكومة الاحتلال وقادتها الذين يرتكبون الجرائم بحق الأسرى، وسيواصل جهوده من أجل تحرير الأسرى لا سيما الأسرى المرضى لأن اعتقالهم وتعذيبهم، وممارسة سياسة الإهمال بحقهم يشكل جريمة إنسانية بحقهم، كما قرر المؤتمر عقد مؤتمره السابع القادم في السويد تحت شعار كل التضامن مع الأسيرات في سجون الاحتلال.
الحرية للأسرى والشفاء العاجل للأسرى المجد للشهداء
لجنة تنسيق التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين
بروكسل 16-12-2020

فيما عرج الكتاب في البند السابع على الأزمة الإسرائيلية وأداء القائمة المشتركة ليرتبط مع الباب السادس في الفصل الثاني في الإشارة لانتخابات البرلمان (الكنيست) الإسرائيلي الـ23 وتجدد حالة الاستقطاب الحاد في المشهد السياسي والحزبي الإسرائيلي مع تبلور قطبين متصارعين وخلق منافسة حادة بين القوائم الانتخابية بعددها الـ29، والذي أعطت نتائجها صعوبة في تشكيل الحكومة الإسرائيلية لمرتين متتاليتين خلال عام 2019، قبل أن تتشكل في المرة الثالثة عام 2020 بعد استغلال نتنياهو وباء «كورونا» لتشكيل حكومة طوارئ بقيادته مع غانتس (عن قائمة كاحول لافان) والتي أعطت الصلاحية لنتنياهو الحق في فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات ومناطق واسعة في الضفة الفلسطينية وعدم تعديل «قانون القومية». هذه المعطيات توحي وجود مشكلة في النظام السياسي الإسرائيلي أمام التحولات الاجتماعية والاقتصادية لدولة الاحتلال، والذي لم تستفد منها الحالة الوطنية الفلسطينية، كما عرج لأداء القائمة المشتركة التي قدمت القضية القومية للشعب الفلسطيني في إسرائيل للرأي العام بما يصون وحدة شعبنا وحقوقه الوطنية وربطها مشاركتها في أي ائتلاف سياسي بين الحقوق السياسية والمجتمعية لأبناء شعبنا في إسرائيل والحقوق الوطنية لشعبنا بالضفة الفلسطينية وقطاع غزة. كما سلط الكتاب على الحراك الديمقراطي للشعوب العربية بما يكفل لها الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحياة الكريمة.

أما الباب الثالث المعنون بـ«في العلاقات الوطنية إما مشاركة حقيقية أو معارضة مسؤولة» تطرق للهجمة الأميركية التي أدخلت القضية الوطنية لمرحلة خطيرة، فيما تزال القيادة الرسمية الفلسطينية في سياسة التردد والانتظار والرهانات الخاسرة واكتفت بالدعوة لاحتجاج شعبي دون التحرك نحو وقف التنسيق الأمني وخطوات أخرى، ويسلط الضوء على موقف الجبهة الديمقراطية في مسألة العلاقات الوطنية كما أبلغته لحركة فتح في اجتماع قيادي بينهما في (19-20/11/2019) الذي أكد على الشراكة الوطنية والتمسك باستقلالية القرار الوطني وعلى البرنامج الوطني الفلسطيني الذي يكفل إقامة دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران 1967 وضمان عودة اللاجئين لديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها وفق القرار الأممي 194.

نحو إستراتيجية المواجهة الشاملة

ويشير الكتاب لإيلاء الجبهة الديمقراطية أهمية الدعوة للانتخابات العامة كطريق نحو تصويب الوضع الداخلي الفلسطيني، ومخرج من دوامة تعثر عملية إنهاء الانقسام، وهذا يدفع للبدء بالحوار الوطني الشامل على مستوى مقرر للتوصل لتوافق وطني حول شروط إجراء الانتخابات وتوفير ضمانات نزاهتها واحترام نتائجها. فيما أجرى العنوان الرابع «في المشهد السياسي الفلسطيني.. الانتخابات، النظام السياسي، إستراتيجية المواجهة» مراجعة شاملة لمجمل الحالة الوطنية، والتي تتطرق للانتخابات الشاملة كونها أحد المخارج الرئيسية للخروج من الأزمة البنيوية التي تواجه المشروع الوطني والحالة الوطنية الفلسطينية تحت وطأة استحقاقات اتفاق أوسلو وتداعيات الانقسام. وتدفع الانتخابات نحو إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني الذي انتقل من نظام ديمقراطي رئاسي- برلماني لنظام رئاسي محض يدير الشأن العام بسلطة المراسيم. لذلك أية انتخابات تجرى دون انتخابات المجلس الوطني وفق نظام التمثيل النسبي الكامل تبقى خطوة منقوصة. وهذا يتطلب من القوى الوطنية إزالة العقبات التي تعترض طريق إجراء الانتخابات، رغم إدراكنا أنه لا عقبات عملية أمام الانتخابات سوى الاحتلال الذي سيعطلها في القدس، وهذا يدفع حماس وفتح للابتعاد عن تسميم الأجواء كون التعطيل الإسرائيلي يدفع نحو خوض أوسع اشتباك ميداني وسياسي وتصعيد المقاومة الشعبية الشاملة. فالحاجة تدفعنا لبناء المؤسسات الوطنية بالتوافق الوطني بمشاركة كافة القوى.

وتطرق الكتاب لبند معنون بـ«صفقة ترامب- نتنياهو» الذي أشار إلى أن الصفقة تسير على مسارين أحدهما إقليمي وآخر فلسطيني، مع تغليب المسار الإقليمي بادعاء وجود مصالح مشتركة بين إسرائيل والأنظمة العربية لمواجهة إيران. لذلك ليس مستغرباً ولادة الصفقة في الرياض (أيار 2017) بحضور 50 دولة عربية ومسلمة، وبذلك تصبح القضية الفلسطينية العقبة في طريق تقدم الحلف الإقليمي. وبالمناسبة الصفقة هي أفكار ومشاريع إسرائيلية بالأساس تضمن إقامة حكم ذاتي محدود على الشعب دون الأرض في ظل سيطرة إسرائيلية كاملة مقابل سلسلة مشاريع تنموية. فهي ليست مشروعاً للتفاوض بل للبحث في آليات تطبيق هذه الإملاءات، لذلك من العبث الدعوة لإطلاق المفاوضات كخيار وحيد يضعف الجسم الفلسطيني ويربك الحالة الداخلية ويعيق نهوض الحركة الجماهيرية ويمنح الطرف الإسرائيلي مزيداً من الوقت لاستكمال المشروع الاستعماري. فالحل المطلوب هو إنهاء الانقسام والخروج من اتفاق أوسلو ومغادرة إستراتيجية المواجهة الإعلامية نحو المواجهة الشاملة في الميدان ضد الاحتلال والاستيطان والضم، وفي المحافل الدولية، بما يفتح الباب أمام تطبيق مخرجات اجتماع الأمناء العامين لفصائل المقاومة (3/9/2020).

فكل ما سبق يعزز الثقة بين الحركة الجماهيرية والمؤسسة الوطنية بما يفتح الباب لإعادة الاعتبار للبرنامج الوطني والموقع التمثيلي لـ م.ت.ف، وإعادة تقديم الحالة الوطنية باعتبارها حركة تحرر وطني لشعب تحت الاحتلال، وبما يضمن إعادة تموضع دولة الاحتلال باعتبارها دولة استعمار استيطاني، وإعادة بناء العلاقات مع الأحزاب والقوى الشعبية العربية والدولية وقطع الطريق على صفقة القرن، ووضع الحالة العربية الرسمية أمام استحقاقات قومية تملي عليها تقييم مواقفها من القضية الفلسطينية والمشاريع التصفوية المطروحة بشأنها.

حيث اتسم أداء القيادة الرسمية بضعف الإرادة السياسية والارتجال بقرارات غير مدروسة مثل عدم تسلمها أموال المقاصة في (شباط 2019) و(أيار 2020) احتجاجاً على اقتطاع إسرائيل ما يعادل رواتب الأسرى والشهداء، والتجربة الأخرى توقف السلطة عن استيراد اللحم الحي (العجول) عام 2016، والتي سرعان ما تراجعت عنه السلطة في التجربتين، لتعطي انطباعاً لصعوبة التحرر من إملاءات بروتوكول باريس الاقتصادي.

««صفقة القرن».. المعركة الفاصلة مع المشروع الصهيوني»

ويشير الفصل الثاني المعنون بـ«ما بعد 28/1/2020» من ستة أبواب، أولاها عبارة عن قراءة في «صفقة القرن» بعنوان «صفقة لتصفية القضية الوطنية» من إعداد دائرة شؤون المفاوضات في م.ت.ف والتي تتضمن التطبيق العملي لـ«رؤية ترامب- نتنياهو» وتضم العناوين التالية، استمرار الاحتلال الاستعماري بموافقة فلسطينية، القدس عاصمة موحدة غير مقسمة لدولة إسرائيل، ضم الأغوار ومناطق المستوطنات ومناطق الحرام في القدس واللطرون، تطبيق السيادة الإسرائيلية على المستوطنات، مساحة وجغرافية الدولة الفلسطينية المزعومة، إنهاء كافة المطالبات المتعلقة بوضع اللاجئ أو الهجرة، فيما تستند فلسفة الخطة، أن أرض فلسطين التاريخية هي «أرض إسرائيل» الوطن التاريخي للشعب اليهودي فيما الشعب الفلسطيني وجوده طارئ على هذه الأرض، وأي تسليم بأي حق من حقوق الفلسطينيين هو تنازل إسرائيلي، فيما حرب عام 67 هي حرب دفاعية، وأن الصراع الفلسطيني لا يحل بالقرارات الدولية بل بالتفاوض والاتفاق بين الطرفين، وعرجت على مفهوم الإملاءات والشروط الإسرائيلية.

وحاول الباب الثاني عمل إضاءة على صفقة القرن باعتبارها «المعركة الفاصلة مع المشروع الصهيوني» في بعدين متلازمين، أحدهما فلسطيني والآخر عربي وإقليمي وضرورات المواجهة للبعدين معاً. حيث يتطرق الكتاب للبعد الفلسطيني في إقامة معازل في إسرائيل الكبرى والتي ترمي لتأبيد بقاء الشعب الفلسطيني أسيراً لرباعية المشروع الصهيوني (الاحتلال + الاستيطان + التطهير العرقي والفصل العنصري + إعدام الهوية السياسية)، وخطوات إدارة الرئيس الأميركي ترامب المحدودة في الإفراج عن فصول الصفقة قبل الإعلان عن شقها السياسي مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل (6/12/2017) ونقل السفارة الأميركية للقدس، وشطب ملف اللاجئين وحق العودة، واعتبار المستوطنات لا تتعارض مع القانون الدولي (18/11/2019)، وشرعنة بضائع المستوطنات إلى اعتبار اليهودية قومية رسمية (11/12/2019) أي الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، دون الإغفال عن ورشة البحرين (25-26/6/2019) التي جرى فيها الإعلان عن الشق الاقتصادي للصفقة. إذن الصفقة تهدف لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني وابتلاع نصف مساحة الضفة استيطاناً وضماً وإلحاقاً.

بالإشارة للعرض المقدم للفلسطينيين وفق الصفقة هو كيان فلسطيني غير متواصل المساحة، ومتصل الأجزاء بمرافق البنية التحتية على أقل من 15% من مساحة فلسطين التاريخية وبدون حدود خارجية معابره تحت السيادة الإسرائيلية ودون العاصمة القدس ودون عودة اللاجئين، إلى جانب مطالبة الفلسطينيين بالتخلي عن روايتهم التاريخية لصالح أساطير توراتية والاعتراف بيهودية الدولة مشروع «إسرائيل الكبرى». ويعرج الكتاب إلى البعد العربي والمتمثل بالتطبيع والذي يتقدم على المسار الفلسطيني للضغط عليه وبما يلبي المصالح الاستراتيجية العليا لإسرائيل والولايات المتحدة تحت حجة مواجهة مخاطر تمدد نفوذ إيران في الإقليم.

ويوضح الكتاب أن مواجهة الصفقة يتطلب الوحدة الوطنية كون غيابها دفع الولايات المتحدة وإسرائيل لإطلاق الصفقة، ما يتطلب إبراز عناصر القوة المتاحة فلسطينياً وهي، الوحدة الداخلية + المواجهة الميدانية + الثوابت الوطنية + سند إقليمي + علاقات دولية مع الكبار.. الخ، وكل ما سبق يتطلب امتلاك الإرادة السياسية أمام اسناد الشارع العربي للقضية الوطنية وتصدي المجتمع الدولي للصفقة التي تقوم على نسف قرارات الشرعية الدولية. وهذا يدفعنا نحو عنوان المواجهة الشاملة لصفقة القرن وإلحاق الهزيمة بها من خلال الوحدة الداخلية والخروج من اتفاق أوسلو والتعبئة الشاملة لفتح الطريق أمام استعادة الوحدة الوطنية وأولوية المواجهة السياسية للصفقة من خلال تنفيذ اللجنة التنفيذية لقرارات المجلس الوطني (2018) والمتمثلة بإنهاء عمل المرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو بكافة التزاماته، وتعليق الاعتراف بإسرائيل، وإعلان بسط سيادة دولة فلسطين على كامل أراضيها المحتلة بعدوان 67 بعاصمتها القدس، واستعادة صيغة الحكومة الفلسطينية الواحدة مع تدرج توحيد الوزارات والإدارات بجداول زمنية وصولاً لتوحيدها كاملاً، وتوحيد الأجهزة الأمنية دون المساس بسلاح المقاومة وأذرعها التي تشكل غرفة العمليات المشتركة مرجعيتها، إلى جانب توسيع عضوية المجلسين المركزي والوطني بمشاركة كافة القوى وانتخاب لجنة تنفيذية جديدة ذات تمثيل شامل، وكذلك وقف التنسيق الأمني فوراً والخروج المتدرج من بروتوكول باريس الاقتصادي.

ويلفت الكتاب إلى هذه الفرصة الأخيرة للمشروع الصهيوني لإقامة «دولة إسرائيل الكبرى» ما يستدعي أمام الفلسطينيين إلحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني والتحالف الأميركي- الإسرائيلي.

الضم والتطبيع محورا الصفقة

فيما يشير الكتاب في بابه الثالث بعنوان «الضم أعلى مراحل الاحتلال الإسرائيلي» معرجاً على النكبة ومساراتها وصولاً للصفقة لما تمثله القضية الفلسطينية باعتبارها المحور الرئيسي في حدود الصراع العربي- الإسرائيلي لتتحرك الصفقة من المحور الفلسطيني نحو المحور الإقليمي من خلال التطبيع واستتباع المنطقة وخيراتها للتحالف الأميركي- الإسرائيلي بما فيها التحالف الأمني تكون إسرائيل حليفة في مواجهة قوى المقاومة في الميدان والقوى العربية اليسارية والوطنية والقومية، وهذا يفتح أمام تلك القوى والدول والشعوب العربية لخوض نضالها لمواجهة الصفقة. ليلفت الكتاب أن الصفقة ومحورها الفلسطيني وهو «الضم» والذي انتقل الاحتلال في استراتيجيته من احتلال استيطاني (10% من مساحة الضفة) لاستعمار استيطاني (ضم 30% من مساحة الضفة) لقيام «دولة إسرائيل الكبرى»، وهذا يدفعنا للقول إن «القضية الفلسطينية دخلت مرحلة الضم الفعلي كون الشق السياسي للصفقة يتبنى الضم، وحكومة الثنائي نتنياهو-غانتس تتبنى الضم أيضاً في لجنة ثنائية مع الإدارة الأميركية»، رغم أن مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي أكدا رفضهما للضم وحذرا إسرائيل بإجراءات بحقها في حال تنفيذه، فضلاً عن رفض الدول العربية والمسلمة وباقي أطراف المجتمع الدولي. لذلك نقول إن «الضم لا يساوي الاحتلال بل هو في أعلى مراحله وأكثرها خطورة» وهذا يطرح مرتكزات الرد العملي على الضم ضمن برنامج المواجهة الوطنية الشاملة -أمام سياسة التردد والتلكؤ للقيادة الفلسطينية لمواجهة الضم- والمتمثلة بتطبيق قرارات المجلس الوطني (الدورة 23 في عام 2018) والمركزي (الدورة 28 في عام 2018) بالخروج من اتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي ومد الولاية القانونية لدولة فلسطين على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، بما يفتح الباب أمام تدويل الصراع بنقله نحو الأمم المتحدة، وهذا يدفعنا نحو وضعنا الداخلي في صون موقع م.ت.ف وإخراجه من دائرة التهميش وتعديل وظائف السلطة ودورها في خدمة المجتمع الفلسطيني وتوفير عناصر صموده ما يتطلب إنهاء الانقسام وإعادة بناء وتطوير واستنهاض كافة المؤسسات الوطنية بما يعزز موقع المنظمة التمثيلي وإعادة الاعتبار للبعد الإقليمي والعربي للقضية الفلسطينية والتي تقوم على برامج وقواسم ومساحات نضال مشتركة على قاعدة الالتزامات المتبادلة، مع التأكيد على أن الشعب الفلسطيني طرف أصيل ومكون أساسي لجبهة المقاومة العربية الشاملة.

ومن الواضح أن أبواب الكتاب مترابطة مع بعضها البعض، حيث الباب الرابع يستكمل خطواته بعنوان «المواجهة الوطنية لإفشال مشروع ترامب وإسقاط مخطط الضم» بالإشارة إلى ردة الفعل الفلسطينية التي تمثلت بخطوة القيادة الرسمية في (19/5/2020)، والتي حملت إجراءً تكتيكياً رغم أهميته دون البناء على استراتيجية وطنية للمواجهة تنفيذاً لقرارات المجلسين المركزي والوطني كثغرة أولى، فيما الثغرة الثانية أن الحديث عن تطبيق قرار (19/5) وفق مفهوم «الرزمة الكاملة» لا يعبر «السقف العالي للقرار» كما توحي السلطة بذلك، فليس صحيحاً أن أموال المقاصة هي ركيزة بروتوكول باريس بل أن جوهره هو «الغلاف الجمركي الموحد» الذي يسمح باستباحة السوق الفلسطينية وإغراقها بالبضائع الإسرائيلية. فالجبهة الديمقراطية دعمت القرار (19/5) ودعت للنضال من أجل تطويره في استراتيجية وطنية شاملة قوامها تنفيذ قرارات المجلس الوطني وتوفير مقومات نجاح هذه الاستراتيجية بإنهاء الانقسام وبناء الوحدة الوطنية في إطار م.ت.ف وتعزيز صمود المجتمع الفلسطيني بسياسة اقتصادية- اجتماعية. وهذا دفع الجبهة الديمقراطية للتوقف أمام عنوان عريض «استئناف المفاوضات والرباعية الدولية» أشارت فيه لرسالة السلطة للرباعية الدولية واستعدادها للمفاوضات شرط إلغاء الضم والتي حملت تنازلات تفاوضية بالتنازل عن شرط «وقف الاستيطان، والاعتراف بضم جزء من القدس عاصمة لإسرائيل، وشطب حق العودة، والقبول بدولة فلسطينية منقوصة السيادة، وترتيبات أمنية..» فضلاً عن إعادة إحياء الرباعية الدولية.

البرنامج المرحلي، برنامج الانتفاضة الشعبية الشاملة

هذا يفتح الباب على مصراعيه نحو ضرورة إصلاح النظام السياسي مؤسساتياً وتطويره برنامجياً في ظل ما يتعرض له البرنامج الوطني «البرنامج المرحلي» من تشويه لتبرير الحلول الأخرى، لجهة تفعيل المواجهة بخطوات عملية عبر التحرر من أوهام الانتقال من السلطة إلى الدولة في ظل الاحتلال، وإعادة تعريف المرحلة بأنها «مرحلة تحرر وطني للقضية الفلسطينية»، وإلغاء اتفاق أوسلو وبروتوكول باريس الاقتصادي والتحرر من قيودهما، وإعادة تعريف العلاقة مع دولة الاحتلال باعتبارها دولة معادية يتطلب التخلص من أوهام الشراكة معها في السلام.

فيما يلفت الكتاب إلى أن البرنامج المرحلي وفق ما أقرته المؤسسات الوطنية ما زال هو برنامج الإجماع الوطني الذي أثبت راهنيته في ظل فشل مشروع اتفاق أوسلو وافتقار المشاريع البديلة إلى عناصرها وروافعها. حيث أن راهنية البرنامج المرحلي تقوم على 5 مواضيع تضمن الفوز بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني والذي يتطلب مرحلياً تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس، وإقرار حق العودة للاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها وفق القرار 194، وضمان حق المساواة في حقوق المواطنة لجماهير الشعب الفلسطيني داخل أراضي الـ48 والاعتراف بهويتهم القومية كجزء من الشعب الفلسطيني، بما يفتح الطريق نحو الحل الجذري للمسألة الوطنية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على كامل ترابه الوطني بكامل حقوقه القومية في ظل فلسطين ديمقراطية موحدة ومتحررة من الصهيونية والنفوذ الامبريالي يتعايش فيها الشعبان على أساس من المساواة القومية وبعيداً عن أشكال التمييز والاضطهاد العنصري والقومي والديني. حيث أن البرنامج المرحلي ما زال هو برنامج الانتفاضة الشعبية الشاملة باعتبارها الشكل المميز من أشكال حرب الشعب ودون أن تنتقص من أشكال النضال الأخرى. ولا يفترض البرنامج المرحلي ولا يعتمد من أجل تحقيق أهدافه على التسوية السياسية عبر المفاوضات دون استبعادها عند توفر نسبة قوى توفر شروطاً لتحقيق أهداف النضال الوطني التحرري، حيث ما حققه البرنامج المرحلي من نجاحات في بلورة الكيانية الفلسطينية واعتراف المجتمع الدولي بالحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا، والبديل الوحيد كما تقدمه الشرعية الدولية في مواجهة صفقة القرن ومشروع الضم وتطبيقاتهما، وهذا يتطلب استعادة م.ت.ف لدورها من خلال تعزيز مكانتها السياسية والقانونية في واقع تشكيلها الجامع من خلال الانتخابات الشاملة كمدخل لإجراء الإصلاح الديمقراطي لكافة المؤسسات الوطنية ومنها استعادة مؤسسة الصندوق القومي والدائرة السياسية لدورهما وبما يفتح الباب أمام استنهاض الاتحادات الشعبية ودائرة التنظيم الشعبي في المنظمة من خلال دمقرطتها بالتمثيل النسبي الكامل.

ويشير الكتاب إلى رؤية الجبهة الديمقراطية لإصلاح أوضاع م.ت.ف ربطاً بالبرنامج المرحلي والذي يتطلب إعادة النظر في دور السلطة ووظائفها في معركة المواجهة الشاملة، وكذلك أوضاع المجلس المركزي من حيث تركيبته وآلية انعقاده وعلاقته باللجنة التنفيذية كمرجعية لها باعتبارها الحكومة الفلسطينية في المنفى. وحول العلاقة مع الـ48 يتطلب قراءة الوضع المستجد سياسياً بالبحث في العمل المشترك لتوحيد الشعب الفلسطيني في نضالاته في جناحي الوطن (48 + 67) وفي الشتات للوصول لصيغ تمثيل جديدة تكون م.ت.ف إحدى ركائزها وبما يشق الطريق نحو المعركة المفتوحة للاجئين في الدفاع عن حق العودة، وبناء جبهة مقاومة رئيسية عنوانها الأسرى في سجون الاحتلال ومخيمات اللاجئين والقدس والبلدات العربية في مناطق الـ48 التي تواجه خطر وباء كورونا.

ويتطرق الباب الخامس لانعكاسات خطة الضم على الاقتصاد الفلسطيني في الأغوار والتي تضم (43) قرية وتجمع فلسطيني في عدة محافظات بالضفة يعيش فيها (106) ألف فلسطيني ويسيطر المستوطنون على (27) ألف دونم من الأراضي الزراعية من أصل (280) ألف دونم (38.9% من مساحة الأغوار البالغة 720 ألف دونم) إلى جانب سيطرة الاحتلال على (400) ألف دونم بذريعة استخدامها مناطق عسكرية مغلقة. حيث أن الأغوار تمثل سلة فلسطين الغذائية وأماكن استثمارات ووجود مقالع الحجر والرخام تدر مليارات الدولارات، ناهيك عن ذلك حرمان الفلسطينيين من استغلال أرضهم ومواردهم.

ويتضمن الفصل الثالث من الكتاب المعنون بـ«اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وسوريا واستهداف حق العودة»، خمسة أبواب إلى جانب المقدمة والخاتمة من صفحة 155-178 في إطلالة على ورقة بحثية لـ«سهيل الناطور» قدمت لندوة نظمتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية في مدينة لارنكا القبرصية في (10-11/5/2019) بعنوان «ماهية المشروع الوطني»، والذي شكل حق العودة للاجئين هدفاً لامتشاق السلاح في مرحلة العمل الفدائي الذي بدأ مع إعلان انطلاق الثورة الفلسطينية في (1/1/1965)، والذي نما بقوة بعد هزيمة حزيران 1967، والذي على إثره حملت م.ت.ف المشروع الوطني الفلسطيني لإنهاء احتلال الضفة والقدس وقطاع غزة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئين وفق القرار 194. هذا النضال الوطني ترافق مع حراك شعبنا الفلسطيني في أراضي الـ48 للنضال من أجل المساواة القومية وحقوق المواطنة، ورفض التمييز والاضطهاد العنصري، ما جعل م.ت.ف مقبولة فلسطينياً وعربياً ودولياً، ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني. وعرج الكتاب على المخاضات التراجعية التي أصابت المقاومة الفلسطينية والإشارة لحالة النهوض خلال فترة الانتفاضة الوطنية الكبرى. كما أشار إلى المخاوف المتزايدة في صفوف اللاجئين بعد ارتفاع وتيرة المستوطنات وسياسة إدارة ترامب سواء تجاه القدس أو قضية اللاجئين إلى جانب إصرار القيادة الفلسطينية على اعتماد نهج المفاوضات كخيار وحيد رغم المطالبات بتبديل تلك السياسة كما أقرتها المؤسسات الرسمية في المجلسين الوطني والمركزي والتي تطالب بدمقرطة المؤسسات عبر الانتخابات والتي لم تتحقق أياً منها.

لاجئو فلسطين بلبنان وسوريا في مواجهة المشاريع الأميركية

وأطل الكتاب في بابه الثاني على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وواقعهم الهش في ظل عشرات القوانين والمراسيم المتعلقة بهم التي خلقت فراغاً قانونياً. وكذلك مبالغة السلطات والشعب اللبناني في تخوفاتهم من مشاريع التوطين ما أدى لحرمان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من حقوقهم الإنسانية والاجتماعية. فأعداد الفلسطينيين في لبنان تعد مسألة ذات حساسية سياسية داخلية، فوكالة الأونروا تسجل (555.470) لاجئ، الجامعة الأميركية قلصت عدد اللاجئين لـ(250) ألفاً، السلطة الفلسطينية وجهازها الإحصائي المركزي قدرت عددهم بـ(174.422) لاجئاً في لبنان. فالأوضاع الحياتية والمعيشية الصعبة في لبنان وغياب برامج الدعم والإسناد من قبل م.ت.ف انعكس سلباً في تعبئة اللاجئين الفلسطينيين وانخراطهم في العمل السياسي، ليتشابك مع الباب الثالث حيث أن السلطات اللبنانية المتعاقبة لم تمنح اللاجئ الفلسطيني في لبنان سوى حق الإقامة تحت ذريعة عدم سيادتها على المخيمات، بل تجاوزت ذلك في منع إدخال مواد البناء للمخيمات، ومنع المواطنة اللبنانية المتزوجة من فلسطيني من منح الجنسية لأبنائها تحت مخاوف المساهمة في التوطين، ولينتقل ذلك إلى عدم الاعتراف بقانونية نحو (6000) لاجئ فلسطيني من فاقدي الأوراق الثبوتية.

أما الباب الرابع ينظر لواقع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا البالغ عددهم (528.111) نسمة بمنحهم كامل الحقوق مع الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية، ولكن هذا الحال تزعزع بفعل الحرب السورية ودمرت بعض المخيمات ونزح عشرات الآلاف منهم لخارج المخيمات أو خارج سوريا بحثاً عن العمل، ما دفع الاونروا لتوفير الدعم لهم إلى جانب الحكومة السورية أمام تقصير القيادة الرسمية الفلسطينية. فالمهمة الرئيسية هي استعادة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا إلى ما قبل الأزمة السورية. فيما يسلط الباب الخامس على استهداف قضية اللاجئين وحق العودة بعدد من المشاريع الأميركية التي طرحت تعريف اللاجئ بمن غادر فلسطين عام 48 دون أولادهم وحصرهم بـ(60) ألفاً، إلى جانب وقف الدعم المالي الأميركي للأونروا المقدر بـ(365) مليون دولار ما سبب عجزاً مالياً لوكالة الغوث أمام التزام الجامعة العربية بتمويل موازنة الأونروا بنسبة (7.8%) لإبقاء مسؤولية المجتمع الدولي عن النكبة.

نضالات الشيوعيين في فلسطين

فيما عرج الفصل الرابع على تاريخ الحركة الشيوعية في فلسطين للمؤرخ الفلسطيني ماهر الشريف والذي يضم 5 أبواب وتشمل الحزب الشيوعي الفلسطيني وكيفية تشكيله والشروط التي فرضها قيادة الأممية الشيوعية «الكومنترن» وإسهاماتها بتشكيل الحزب الشيوعي، وكيفية التغلغل بالجماهير العربية والانخراط في النضال الوطني التحرري وإقامة علاقات وثيقة مع الحركة القومية العربية التحررية مع الإشارة لصحافة الحزب بلغتها السلسة للوصول للفلاحين والعمال ونشر الوعي بينهم. فيما يعرج على نضالات الشيوعيين الوطنية والاجتماعية في العشرينيات وموقفهم من الحركة الصهيونية ومشروعها والاستعمار البريطاني والمطالبة باستقلال فلسطين ورؤيتهم للبرلمانات التمثيلية المعبرة عن إرادة الشعب كونها الخطوة الأولى للاستقلال السياسي.

فيما يشير الكتاب إلى دفاع الحزب الشيوعي الفلسطيني عن المصالح الطبقية للعمال العرب واليهود ودعوتهم للتوحد من أجل حقوقهم الاجتماعية، وسلخ العمال اليهود عن الحركة الصهيونية ومنعهم من إقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين، وأهمية الإضراب لتحقيق مطالب العمال وتشجيع العمال العرب للانضمام لاتحاد نقابات العمال اليهود «الهستدروت» وتحويلها إلى منظمات أممية. وتطرق الكتاب لعلاقة الشيوعيين في فلسطين مع نظرائهم في سورية ومصر ومساهماتهم في توحيد المجموعة الشيوعية العربية ونسج علاقاته مع الحزب الشيوعي المصري وربطه مع «الكومنترن».

وأشار الكتاب لهبة البراق وتكريس سياسة التعريب والتي أوجدت خلافات بين الحزب الشيوعي الفلسطيني و«الكومنترن» وطلبت الأخيرة من الحزب الشيوعي الفلسطيني توضيح موقفه من شعار التعريب «أي أن كافة أعضاء الحزب متساوون يهوداً وعرباً». فيما تطرق الكتاب لدور الحزب الشيوعي في الثورة الفلسطينية الكبرى ومخرجات المؤتمرين السادس والسابع لـ«الكومنترن» وطرح جبهة شعبية موحدة معادية للفاشية والنازية والتي تبنتها قيادة الحزب الشيوعي بعد اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى للنضال ضد الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية، والإشارة إلى حل «الكومنترن» وتأثيره على الشيوعيين العرب وتشكيل عصبة التحرر الوطني في فلسطين وطرح برنامجها السياسي الذي يحمل القواسم المشتركة في مرحلة التحرر الوطني ورفع شعار «الدولة الديمقراطية» بحق الشعب الفلسطيني في «تقرير المصير وقيام دولة فلسطينية مستقلة ديمقراطية لكافة مواطنيها من العرب واليهود مع ضمان الحقوق المدنية والحريات الديمقراطية للسكان اليهود فيها»، وموقفها من الحركة الوطنية العربية في فلسطين، وقرار التقسيم، والإشارة أيضاً لبقاء الحزب الشيوعي الفلسطيني على أعضاءه اليهود إلى نشوء الحزب الشيوعي الإسرائيلي عام 1948 وتمثيله في البرلمان (الكنيست) الإسرائيلي إلى الانقسام في الحزب الشيوعي الإسرائيلي لتتشكل القائمة الشيوعية الجديدة (راكاح)، وعلاقة (راكاح) مع م.ت.ف والاعتراف بها ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني ورفض يهودية إسرائيل والتأكيد على حق
اللاجئين الفلسطينيين في العودة وفق القرار 194 وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67، وتشكل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة «حداش» من «راكاح» وقوى عربية ويهودية. ومن ثم الانتقال لحزب الشعب الفلسطيني ونضالاته في الضفة وغزة في
إفشال إلحاق الضفة لشرقي الأردن، ومقاومة مشاريع التوطين وإقامة دولة فلسطينية وفقاً لقرار التقسيم الدولي رقم 181 وحق العودة وفقاً لقرار 194، والإشارة إلى إعادة تأسيس الحزب الشيوعي الفلسطيني عام 82 إلى إعادة تأسيس حزب الشعب
الفلسطيني عام 91 ومشاركتهم في القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، وصولاً إلى الحل الديمقراطي للقضية الفلسطينية وفق تصور إميل توما والربط بين النضالين السياسي والاقتصادي

عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى