المقالات

هل تتسارع وتيرة التوافق قبل الإنفجار؟ كتب: عبد الله خالد

… وفي اليوم الخامس للإعتكاف القسري الذي لم يترافق مع نواة خطة إنقاذية من الوباء أولا وصولا إلى بدء إصلاح جاد ينطلق من خطة إقتصادية واضحة المعالم هدفها إنقاذ الوطن بكل مكوناته وليس إعادة إحياء الشبكة الحاكمة التي ثبت فشلها في كل الميادين، إذ كيف يمكن لمن أوصلنا إلى هذا المستوى من الإنهيار أن يقدم الحل المطلوب الذي يتعارض مع مصالحه ويهدد امتيازاته التي وفرها له اقتصاد ريعي يعتمد المحاصصة التي تحمي الفساد والهدر ونهب المال العام وتوفير الدعم لرأسمالية متوحشة تحميها هندسات مالية امنها لها المصرف المركزي ودعمها أصحاب المصارف وساندها نظام طائفي-مذهبي كشف عن وجهه العنصري الذي لا يعترف بالآخر ويصر على العودة إلى ما قبل الطائف رغم دعمه اللفظي له بديل أنه لم يطبقه حتى الآن في خطوطه العريضة لأنه لم يحول مضامينه إلى قوانين نافذة… وهكذا يصبح الوضع أكثر ضبابية بعد تزايد مخاطر انتشار كورونا التي لم تواجه- منذ اليوم الأول- بالشكل المطلوب وهو أسلوب اعتادت الشبكة الحاكمة أن تمارسه في كل القضايا التي تواجهها معتبرة أنها يمكن أن تتجاوزها كما اعتادت تجاوز المعضلات الأخرى. وهكذا تفاقمت أزمة كورونا كما تفاقمت من قبل أزمة الإنهيار الإقتصادي والمالي والإجتماعي نتيجة إهمال معالجتها والسعي لإستثمارها لمصلحتها وتحميل تداعياتها للفقراء والكادحين وذوي الدخل المحدود وزيادة أرباحها بعد تهريب أموالها للخارج والسطو على أموال المودعين. والمفارقة أن تلك الطغمة لا تريد أن تكتفي بما حصلت عليه حتى الآن بفضل فسادها ونهبها وتريد أن تستكمل استنزافنا حتى آخر نقطة من دمنا لأن الهيمنة والإستئثار من مقومات طبيعتها التي ترفض أن تتخلى عن بوصة واحدة منها ولعل هذا هو سبب رفضها تحول لبنان من مزرعة إلى دولة يحكمها القانون ويتحقق فيها الحد الأدنى من التوازن بين مكونات الوطن واعتماد العدالة في التعامل معها بحيث لا تفرض على الأغنياء والفقراء نفس الأعباء عبر إقرار ضريبة تصاعدية على الدخل في الوقت الذي تسعى فيه الرأسمالية المتوحشة إلى تحميل الكادحين وذوي الدخل المحدود المزيد من الأعباء في حين تسن القوانين التي تحمي هيمنتها وتتهرب من المشاركة الجادة في عملية الإنقاذ هذا إن لم تحبطها. ولعل المثال الأبرز في هذا المجال هو استئثارها بأكثر من 85% من مخصصات دعم المواد الأساسية التي تصب لمصلحتها بهدف تقليص أعباء معاناتها بعد تفاقم البطالة وازدياد الفقر وغلاء الأسعار وفقدان الكثير من المواد الأساسية في الأسواق والإرتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار الذي أفقد العملة الوطنية أكثر من 80 بالمئة من قيمتها الشرائية. وإذا كان سوء الأوضاع على أكثر من صعيد يفرض تسريع عملية تشكيل الحكومة واعتبارها أولوية مطلقة يفترض بكل القوى الفاعلة ان تتضافر جهودها في هذا المجال للوصول إلى حكومة فاعلة ومتوازنة تحظى بأكبر قدر من الإلتفاف حولها لتتمكن من القيام بدورها المركزي في إيصال البلاد إلى بر الأمان بعيدا عن الهيمنة والإستئثار وصولا إلى بدء مسيرة واعدة للإنقاذ والإصلاح وتقديم المصلحة العليا للمواطنين على حساب مصالح الأطراف المتنازعة وهذا ما يبدو أن العقبات التي تواجهها أكبر بكثير من مساعي تقليص التباين بين الرئاستين الأولى والثالثة في وقت يعاني فيه المواطن من أعباء الجوع والوباء وما يمكن أن تعكسه من آثار سلبية قد تصل إلى انفجار أمني كبير قد يطال الوطن بكل مكوناته.
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى