التحقيقات

كيف السبيل إلى تغيير الواقع وما هو البديل؟ – تحقيق: أسامة إسماعيل

المثقف النخبوي يرفض التبعية والانتماء للأحزاب الطائفية والايديولوجية الشعبية ومتزعميها. فهؤلاء المتزعمون والأحزاب يعتمدون على الايديولوجيا والمعتقدات وبعضها لاعقلاني والنصوص الجامدة والعواطف والمصالح الجماعية. وهذا ما لا يلائم المثقف النخبوي الذي يعتد بعقله الفردي وإرادته الحرة المستقلة ويضع العاطفة والغريزة والمصلحة المادية في الإطار الفردي والشخصي ويرفض التدخل والتأثير من قبل الآخرين والنافذين والمسيطرين في هذه الأمور لاستتباعه والحاقه بالجماعة سواء كانت طائفة أم حزبا”ام عائلة وعشيرة.
لايمكن ان يكون المثقف النخبوي إلا مستقلا”معارضا”ولكن معارضته المتزعمين والأحزاب والحاكمين تنهج وسائل وأساليب مختلفة عن أسلوب المظاهرات والعنف وقطع الطرقات ومختلفة ايضا”عن أسلوب الانتخابات فهذه وسائل شعبية، هو ضدها بل يتبع نهج النقد والرأي عبر الكلام والكتابة ويبني سلوكه وفعله على أساس رفض التبعية للمتزعمين والأحزاب والطائفة والعائلة والعشيرة وفي الوقت ذاته رفض الوسائل والأساليب الشعبية والعددية . فالانتخابات والمظاهرات الشعبية لا تغير الواقع السيء ولا تحسن الأوضاع العامة وتعيد إنتاج المتزعمين والأحزاب أو من يشبههم لأن
ما اوصلهم هي الوسائل والأساليب الشعبية بالإضافة إلى اللعبة الدولية الإقليمية.
وإذا سئل المثقف النخبوي المستقل :اذا”كيف السبيل إلى التغيير وما هي الوسائل البديلة؟ أما الجواب فلن يرضي الكثير من الناس والأشخاص لأنه يغاير ما هو عليه النظام السياسي والاجتماعي والواقع. الجواب هو الدولة المدنية القائدة التي يصل إلى إدارة شؤونها أشخاص وفق العلم والاختصاص والخبرة والكفاءة وليس وفق الانتماء إلى طائفة وحزب وعائلة وعشيرة .

والتركيز على قيمة الفرد فلا تكون هنالك حاجة إلى الطوائف والأحزاب والعشائر في موضوع إدارة الدولة وتمثيل الاختصاصات والمثقفين والمصالح والمهن والقطاعات والفئات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، ما دامت الدولة المدنية القائدة تمثل الجميع. أما وسائل الإعلام فيجب ان لا تكون ذات طابع طائفي وحزبي وعائلي ويجب
تقليص عدد المحطات التلفزيونية السياسية وتشجيع انشاء محطات متخصصة في مختلف المجالات.
بذلك تخرج السياسة من مستوى الشارع والوسائل والأساليب الشعبية إلى مستوى النخبة المثقفة المستقلة وتصعد الدولة من مستوى دولة الطوائف والزعماء والأحزاب إلى مستوى الدولة المدنية القائدة و تنتهي دوامة الأزمات التي تولدها الديموقراطية العددية الطائفية الحزبية ووسائلها وأساليبها الشعبية وتخنق الفرد بالمشكلات الاقتصادية والمعيشية والنفسية والعصبية والمعنوية والإنماءية حيث لا يبقى مجال للتفكير بغد أفضل بل تطغى حالة الجمود والارتهان للواقع ومن يتحكم به ويؤثر فيه ممن ليسوا نخبة مثقفة مستقلة سواء كانوا في الحكم او المعارضة أو الشارع. لكن هذا الحل
يحتاج إلى ظروف ملاءمة غير الظروف الراهنة داخليا”وخارجيا” وإلى تغييرات تدريجية وإلى وقت.
أسامة إسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى