المقالات

لماذا لا ننفتح على الشرق والغرب معاً؟ – عبد الله خالد

جاءت زيارة موفد الاتحاد الأوروبي للبنان قبل يومين من انعقاد لقاء لوكسمبورغ ليوحي بان المبادرة الفرنسية يمكن أن تتحول إلى مبادرة أوروبية وليلتقي المسؤولين اللبنانيين وبعض الفعاليات التي يعتقدون انها تمثل المجتمع المدني في محاولة لتحريك الوضع السياسي وتسريع تشكيل حكومة مهمتها إنقاذ لبنان بالتعاون مع البنك الدولي كشرط لتقديم المساعدات الدولية المطلوبة.
وبديهي ان المسؤول الأوروبي بعد انتهاء زيارته التي تستمر يومين سيعود إلى بلاده وهو أكثر قناعة بصعوبة التوصل إلى حل ينقذ لبنان بكل مكوناته وليس شبكة حاكمة تقدم مصالحها الذاتية بكل ما تحمله من تناقضات وتضمره من رغبة في استمرار هيمنتها وأسلوبها في العمل الذي يلغي الآخر ويصر على استمرار الاقتصاد الريعي واعتماد الاستدانة وبيع ما تبقى من مؤسسات وحرص على تكريس التناقضات الطائفية والمذهبية والمناطقية التي تشكل الضمانة الوحيدة لاستمرارها ومنع أي تغيير جاد ينقذ الوطن مستنداً إلى خطة اقتصادية واضحة المعالم تعتمد الاقتصاد المنتج بدلاً من تجديد شباب تجربة ثبت فشلها على امتداد 100 عام في تأكيد على ان الأزمة الحالية – والأزمات التي سبقتها – هي أزمة نظام ثبت فشله وشبكة حاكمة ترفض الاعتراف بان دورها قد انتهى إلى غير رجعة وانه يصعب إعادة إحيائها مهما حاولت تجميل نفسها ببراقع تخفي فسادها ورغبتها في رفض أي تغيير تتطلبه مصلحة الوطن وتفرضه المتغيرات التي حصلت على امتداد 100 عام.
الواقع اننا ما زلنا نعيش إفرازات مرحلة سايكس – بيكو ووعد بلفور ومؤتمر فرساي التي جددها سيئ الذكر كيسينجر وسعى لإعادة إحيائها ترامب عبر صفقة القرن وهي مرحلة تفرض العامل الخارجي وتقلص مفاعيل العامل الداخلي والتي يشكل لبنان ساحة متقدمة لتنفيذ مضامينها منذ الانصياع لتوجيهات القناصل الذين اعتمد كل واحد منهم أحد مكونات الوطن وحماه ومصالحه الذاتية بحيث أصبحت تلك المكونات اسيرة لها وبذلك حقق العامل الخارجي هدفين أساسيين هما تكريس الانقسام وحماية المصالح الخارجية والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو التالي: ترى بعد كل الذي حدث من كوارث ومصائب وأزمات… ألم يحن الوقت بعد لتغليب العوامل الداخلية على العوامل الخارجية وتقديم مصلحة الوطن على مصالح الآخرين الذين يسعون لتطويق أي محاولة جادة لرسم خريطة طريق تتلافى الثغرات التي أوصلت البلاد إلى الهاوية خصوصاً وان نصائح البنك الدولي لم تدخل إلى دولة إلا وخربتها وأحكمت حصارها وجعلتها أسيرة مصالح الغرب الراغية في تكريس هيمنتها على المنطقة وثرواتها ومنع انفتاحها على الشرق في مرحلة سقط فيها شعار هيمنة القطب الواحد وأصبحت التعددية القطبية هي الشعار الذي فرض نفسه على الجميع بعد أن أصبحت آسيا هي نقطة الثقل على الصعيد الاقتصادي بعد نهضة العملاق الصيني واستعادة روسيا دورها المركزي وبروز دول أخرى تأتي إيران في مقدمتها. لقد أصبحت الإجابة على هذا السؤال مطلوبة خصوصاً وان عروضاً كثيرة بدأت تفرض نفسها نظراً للتسهيلات التي تقدمها والتي من شأنها أن تعيد إحياء العملات الوطنية وتمنع هيمنة الدولار على الأسواق الذي ترافق مع ارتفاع سعره بشكل جنوني بكل ما يسببه من كوارث على كل المستويات علماً ان التوجه نحو الشرق لا يعني عدم استمرار التوجه نحو الغرب شرط عدم فرض الهيمنة التي لا تصب في مصلحة دول المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى