المقالات

مستقبل الميتافيرس إلى أين؟

بقلم الدكتورة:ايمان عشري
استاذ العلاقات العامة والإعلان

مما لاشك فيه أن الواقع الافتراضي ليس له قيود سوى خيالك، هذا بالإضافة إلى أنه بإمكانك فعل كل ما تريد والظهور بالشكل الذي تحب، والوصول للمكان الذى تريد دون أن تتحرك من مكانك، هذه الكلمات كانت مجمل ما ورد على لسان البطل ويد واتس ،كوصف للواحة الافتراضية في رواية الخيال العلمي “ريل بلاير وان” للمؤلف الأمريكي أرنست كلاين ، التي حولها ستيفن سبيلبرغ إلى فيلم عام 2018، أحداثه تدور في عام 2045 ، حول مسابقة تقام في عالم افتراضي (الواحة) يتنقل فيه الأبطال من خلال نظارات الواقع الافتراضي، ويشكل هذا الفيلم صورة شبيهة بعالم الميتافيرس الذى يجرى الإعداد له اليوم.

ومن الجدير بالذكر أن الحديث عن الميتا فيروس أصبح منتشرا بشكل واسع مؤخرا، والبعض يرى فيه نسخة ثلاثية الأبعاد من الويب، وهذا لا يمنع أنه حتى الآن لا تزال تفاصيل هذا الموضوع غامضة، حيث يدمج الميتافيرس كيانات من العالم الواقعي مع أشباهها الرقمية، في عوالم رقمية ثلاثية الأبعاد عن طريق تقنيات الواقع الافتراضي والشخصيات الرمزية، ومن المتوقع انضمام الهولوغرام إليها مستقبلا.

أول ظهور لكلمة الميتا فيرس:

ومن أكثر ما يثير الدهشة هو أن أول ظهور لكلمة الميتا فيرس كان عام 1992م في رواية الخيال العلمي “تحطم الثلج”
حيث أن الرواية وصفت الشخصيات بأنها تتفاعل مع بعضها البعض في عالم افتراضي مستقبلي ثلاثي الأبعاد، يشبه العالم الحقيقي الذي نعيش فيه، وهذا ما يقوم عليه الميتافيرس.

ماهوالميتافيرس:

في المطلق العام الميتافيرس هو مكان افتراضي بإمكاننا التعلم فيه والعمل والترفيه عن أنفسنا واكتساب الأموال وإنفاقها أيضا، معظم خبراء التكنولوجيا هم على اتفاق أن الميتافيرس سيغير حياتنا جذريا، كما يمكننا تعريف الميتا فيرس أيضا على أنه عالم رقمي مستقبلي ثلاثي الأبعاد يشبه إلى حد كبير ألعاب الفيديو.
لكن بدلا من أن تلعب من منظور الشخص الثالث، يمكنك أن تتمثل بشخصية الأفتار الخاصة بك، وتقضى يوما كاملا بين الأسواق والمدن والقارات والسفر إلى أبعد الأماكن والى نهاية الفضاء، أيضا الإبحار مع الحيتان العملاقة لمسافات طويلة خلال هجرتها إذا كنت تحب الأحياء المائية، مما يتيح لك عالم واسع لتفعل أي شيء تريده وتحبه تقريبا وأنت مستلقٍ في مكانك، هذا هو ما يسمى بالعالم الرقمي المستقبلي، عالم الميتافيرس.

الميتافيرس كما يقول ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، لن يحول الطريقة التي ننظر بها إلى العالم فقط، ولكن أيضا كيفية مشاركتنا فيه، من المصنع حتى غرفة الاجتماعات.

التكنولوجيا التي يعتمد عليها مستقبل الميتافيرس:

تكنولوجيا هذا العالم الافتراضي تعتمد بشكل كبير على تقنيات الواقع المعزز “AR” والواقع الافتراضي “VR”

ولقد أدى اعتماد تكنولوجيا هذا العالم الافتراضي المستقبلي على هذه الأخيرة إلى بطء تطوره والحد من توسعه وانتشاره، ومما لاشك فيه أن تقنية الواقع الافتراضي “VR” تحتاج أجهزة خاصة ينظر البعض لها أنها باهظة الثمن، الأمر الذى يزيد من التكلفة والأعباء المادية على الراغبين للقيام بتجربة العيش داخل (الميتافيرس) أو مستقبل الإنترنت حسب وصف بعض الشركات الكبيرة الداعمة له مثل “جوجل، مايكروسوفت، فيسبوك.”

قوة الميتافيرس:

شركة “ميتا” بقيادة مارك زوكربيرغ توظف الآن حوالي 10 آلاف شخص في مشروع الميتا فيرس وخصصت 10 مليارات دولار لإنفاقها هذا العام وحده على هذا المشروع، ولقد تولى أيضا شركات عالمية كبرى مثل، أمازون وآبل وغوغل ومايكروسوفت ونفيديا، اهتماما كبيرا للتجهيز للميتا فيرس، فضلاً عن سعيها حتى تسترجع تنظيمها الداخلي وكتابة خصائص الوظائف المناسبة لمجموعة الميتا فيروس، رغبةً منها في أن تكون على أهبة الاستعداد لإطلاق منتجات بمليارات الدولارات مناسبة لهذه المجموعة.

ليس ذلك فحسب بل قدرت شركة ماكنزي للاستشارات الإدارية حجم الإستثمارات المرتبطة بالميتافيرس خلال الأشهر الخمسة الأولى فقط من هذا العام بنحو 120 مليار دولار.

هل سيصبح الواقع الافتراضي “الميتافيرس” هو مكان عملنا في المستقبل؟

على الأرجح أنه بعد خمسين عاما، عندما نرجع بذاكرتنا إلى وقتنا هذا سنجد أن الانترنت سيكون ثنائي الأبعاد والذي نستخدمه الآن شيئا باليا بشكل مضحك.
حيث أننا لن نستخدم الإنترنت خلال شاشة، ولكن من المحتمل أن تعاملنا معه سيكون مختلف تماما عما هو عليه الآن في وقتنا الحالي، وسوف يصبح بإمكاننا التحكم في الأشياء باستخدام تقنية الواقع الافتراضي المعزز (AR)، واستكشاف عوالم الواقع الافتراضي ( VR) ، والدمج بين ما هو حقيقي وما هو رقمي بطرق لا نستطيع أن نتخيلها حاليا.

ما هو تأثير كل ما سيحدث على بيئة العمل؟

بالفعل نحن قد انجرفنا بعيدا عن دوام العمل الذي يبدأ من التاسعة صباحا وينتهى الخامسة مساء، حيث أننا بدأنا أن ندير ظهورنا لأماكن العمل التقليدية المحصورة داخل المكاتب وهيئات التوظيف الحكومية، وأصبحنا نسعى خلف الاعمال الحرة على مواقع الانترنت، ويرجع الفضل في ذلك إلى عامين من الانسداد بسبب وباء “كورونا” وإقبالنا على الاجتماعات الافتراضية وتقبلنا لها.

هل ستكون الخطوة التالية هي العمل داخل حدود الميتافيرس؟

الترويج للميتا فيرس مبالغ فيه للغاية، علينا أن نتذكر أنه ليس موجود بعد، وحتى من يقيمون على هذا المفهوم يختلفون في ماهيته.

ويبقا السؤال هنا هل من الممكن أن تتصل العوالم الافتراضية المختلفة ببعضها البعض بطريقة ما؟
هل سنفنى وقتنا داخل هذه العوالم أكثر من الوقت الذي نفنيه في العالم الحقيقي؟ هل سنكون بحاجة إلى قواعد جديدة تدير وتحكم هذه العوالم الافتراضية الجديدة؟
ولكن في الحقيقة لا توجد إجابات منطقية لهذه الأسئلة حتى الآن، لكن كل هذا لم يمنع الاهتمام الكبير حول الميتا فيرس والمبالغة في الحديث عنه والترويج له، حيث أن الشركات ترى فيه وسيلة جديدة لتحقيق أهدافها وأرباحها إذا تمعنا النظر وجدنا شركات تمتلك فروعا على منصات ميتا فيرس، من “هورايزون وورلدز” التابعة لشركة ميتا، إلى الألعاب الإلكترونية مثل “روبلوكس وفورتنايت ” إلى مواقع جديدة تم إنشائها حديثا مثل ” ساندبوكس وديسنتر الاند”.

مصطلح الميتا فيرس:

ابتكر (نيل ستيفنسون) مصطلح الميتا فيرس قبل نحو ثلاثين عاما، فى كتابه “سنو كراش” حيث يجد بطل الرواية حياة أفضل له في العالم الافتراضي، ومن ثم أتت الخطوة الكبيرة لتحويل ذلك الخيال العلمي إلى حقيقة في أكتوبر /تشرين الأول 2021، عندما قامت شركة فيسبوك بتغير اسمها الى ميتا، وبدأت بإنفاق مليارات الدولارات لتحويل نفسها إلى شركة تتمحور بالأساس حول تطوير الميتا فيروس، وهى رؤية يقوم بقيادتها مؤسس ورئيس الشركة “مارك زوكربيرغ”.

شهادة حية.. الاعتداء على امرأة عبر الميتافيرس:

ادعت امرأة بريطانية تسمى نينا جين باتيل أنها تعرضت لاغتصاب جماعي ظاهري من خلال الميتا فيرس، وقالت المرأة (43) أنها تعرضت للتحرش الجسدي واللفظي ،خلال 60 ثانية من انضمامها إلى العالم الافتراضي .وادعت “”أن مجموعة من الشخصيات الرمزية من الذكور تحديدا، اغتصبت صورتها الرمزية بشكل جماعي في العالم الافتراضي” وأضافت قائلة أنه كان كابوسا، وفي منشور على مدونتها على الفيس بوك أشارت باتيل ” إن الواقع الافتراضي تم تصميمه بشكل أساسي، بحيث لا يستطيع العقل والجسد إيجاد اختلافات بين التجارب الافتراضية والواقعية، وأنهت باستيل حديثها “في بعض الحالات ، كانت استجابتي النفسية للحادثة كما لو أنها حدثت فى الواقع”.

عالم الميتا فيروس والمنتدى السعودي للإعلام

أظهر المنتدى السعودي للإعلام في نسخته الثانية لصناعة المحتوى في عالم الميتا فيرس ضمن أجندة ورش العمل المقدمة لحضور الملتقى الأكبر في المنطقة والذي سوف يقام في الرياض خلال الفترة ما بين 21-20 فبراير الجاري، والذي من خلاله سيقوم المشاركون مع السيد كريس بلال عرض اساسيات المحتوى في الميتا فيرس معتمدين على خبرة تجاوزت ال 25 عاما في صناعة الإعلام وإنتاج الرسوم الافتراضية والانتاج الحي ورسم الخرائط.

“مرحلة بين ما كان ويكون”
من حيث الاكتفاء بنقل الخبر وصناعتها وماض عريق ومستقبل متسارع، اجتمع الدكتور فهد عقران، ومحمد جلال الريسي، وفرجينيا ارسلي، مع عدد من وكلات الانباء حول العالم، وكان هدف الجلسة الثانية في الفترة الأولى من اليوم الأول للمنتدى السعودي للإعلام الذى سيقام في الرياض خلال الفترة 20-21 فبراير، مناقشة واقع وكالات الأنباء العالمية الدولية، وطرق تطوير عملها الإعلامي في ظل تطور الطرق الإعلامية والقنوات المقدمة من خلالها.

ومن هنا يتضح لنا أن الميتافيرس سيصنع عالم جديد، معتمد فيه على خطوات افتراضية ستجبر كافة دول العالم على التعايش معه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى