التحقيقات

الفرق بين التأثر والإنتفاع من جهة والإقتناع من جهة أخرى

هنالك فرق بين التأثر والإقتناع العقلي، وبين الإنتفاع والإقتناع. فما بني على التأثر العقائدي والعاطفي والإجتماعي والإنتفاع لايستمر ولايدوم. أما ما بني على الإقتناع العقلي والإرادة الفردية الحرة فيدوم ويستمر. فمن كان متأثراً عقائديا"وعاطفيا" بمذهب ديني وحزب ومجتمع في مرحلة مبكرة من عمره ثم تغير وتطور بعد فترة من الزمن بفعل عقله وإرادته الفرديين والعلم والثقافة والتجربة، وتكوّن لديه إقتناع عقلي معاكس لهذا التأثر، إنقلب ضد حالته السابقة وتحرر من قيود الولاء للمذهب والمجتمع والحزب الذي أثّر فيه في مرحلة مبكرة من عمره، وأصبح رافضاً وناقدا"المناسبات والمظاهر والعادات والطقوس المذهبية الطائفية والحزبية الشعبية التي تقوم على أساس التأثر العقائدي والعاطفي والإجتماعي والإنتفاع المالي والمادي وحالة القطيع الإجتماعي وغياب قيمة الفرد. ومن كان منتفعا" مالياً وماديا"من حزب مذهبي طائفي شعبوي ثم انقطع هذا الإنتفاع انتهى لديه الولاء لهذا الحزب وإن بقي لديه تأثر عقائدي وعاطفي وإجتماعي يجعله يؤيد ويشارك غيره بالمناسبات والعادات والطقوس والمظاهر المذهبية والطائفية الشعبوية لأنه ليس من ذوي الإقتناع العقلي والإرادة الفردية الحرة.
إن أكثر الناس لايحققون هذا التغيير والإنتقال الجذري من حالة التأثر العقائدي والعاطفي والإجتماعي والإنتفاع المادي، التي تجعلهم يظهرون الولاء للمذهب والإيديولوجيا والسلطة الدينية المذهبية ومن يسمى "الزعيم" والحزب إلى حالة الإقتناع العقلي المعاكسة. فيما المثقف النخبوي العقلاني يحقق هذا التغيير والتحرر والإستقلال، ما يجعله يرفض وينتقد المعتقدات والمناسبات والعادات والطقوس والمظاهر المذهبية والطائفية والحزبية والشعبوية التي تتعارض مع عقله وإرادته الفرديين وحريته واستقلاله ومكانته وراحته وحقوقه، بل إن هذه المعتقدات والمناسبات والمظاهر والطقوس تتعارض مع الإيمان الحقيقي الذي ينبذ ويمج تقديس الأشخاص البشريين والولاء لهم وذكرهم أكثر من ذكر الله في أناشيد ولطميات تقوم على التأثر العقائدي والعاطفي والإجتماعي والإنتفاع المالي، وكذلك يمج الضجيج والإزعاج والإستفزاز والتسلط والفوضى، المرافقة لهذه المناسبات والمظاهر والعادات والأناشيد واللطميات. فالدين يجب أن يكون حالة تأمل وتفكر وهدوء َوراحة نفسية وتحرر من حالة القطيع الإجتماعي والضغوط النفسية والإجتماعية والإقتصادية والولاء والتبعية والتقديس والتعظيم لأشخاص بشريين وأحزاب ويجب أن يساعد على تحقيق العدالة الإقتصادية والإجتماعية وترسيخ قيمة الفرد ومميزاته وخصوصيته لا العكس!!!
إذاً، التحرر من التأثر العقائدي والعاطفي والإجتماعي والإنتفاع المالي والمادي من السلطة الدينية المذهبية ومن يسمى "الزعيم" والحزب والتابعين لهم، والإعتماد على العقل والإرادة الفرديين والعلم والثقافة والتجربة وعلى الكفاءة والعمل والإنتاج والإبداع يجعلان الفرد حرا"مستقلا"نخبويا"عقلانيا" معارضا"وناقدا" السلطة الدينية المذهبية ومن يسمى "الزعيم" والحزب النافذ والتابعين لهم والمجتمع واختلال التوازن الإقتصادي والمعنوي، ورافضا"المعتقدات والآراء والمفاهيم والمناسبات والعادات والطقوس والمظاهر المذهبية والطائفية والحزبية والشعبية التي تقوم على المعتقدات الجماعية الجاهزة والجامدة والعواطف والغرائز الجماعية والمصالح المادية الجماعية وعلى الولاء والتبعية والتقديس والتعظيم لأشخاص بشريين وجماعة وحزب.
                أسامة إسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى