التحقيقات

اختلال التوازن ازداد بسبب الأزمة الحالية المسيسة والاقتصادية – أسامة إسماعيل

المثقف المستقل النخبوي ينطلق في تفكيره ورأيه ومعارضته ونقده من ذاته الفردية وعقله وإرادته الحرة ومصلحته. فهو يعارض المتزعمين والأحزاب الطائفية والايديولوجية الشعبية التي تدير الدولة وتسيطر على المجتمع كما يعارض مايسمى “معارضة”و”ثورة”.ويضع حدودا”للمذهب الديني، فليس المذهب هدفا”وكل شيء. ويعارض الشوائب والسلبيات الموجودة في المذهب او الملحقة به على يد السياسة والسلطة ورجال الدين والأحزاب، لأن الدين في جوهره عبادة وتقديس وولاء لله وحده بغية دخول الجنة وليس ولاء وتقديسا”لاشخاص وأحزاب ودولا”معينة، ومظاهر وسياسة آنية ومناصب وانتخابات.
المثقف المستقل النخبوي ينظر إلى الواقع أمامه ويلتفت يمينا”وشمالا”فيرى اختلالا”بالتوازن لمصلحة ما هو معاكس لفلسفته وحريته وكرامته وحقوقه وراحته النفسية. فالدين والسياسة والمجتمع والاقتصاد حولت إلى أهداف بحد ذاتها وبكل ما فيها من شوائب وسلبيات واختلالات وأخطاء ويطلب من الفرد الخضوع لها والسكوت لأن هذه الأمور كالبقرة الحلوب التي تدر على الممسكين بها والمستثمرين فيها المال والسلطة والمناصب والسيطرة والزعامة والشهرة في ظل تخلي بعض وسائل الإعلام عن دورها المستقل النخبوي والتغييري والتوعوي ،غارقة في لعبة التسويق والترويج لهذه الأمور على أنها غايات بحد ذاتها، مستهترة بالفرد وعقله وإرادته وحريته وكرامته وراحته وحقوقه. فهذه الوسائل تحذو حذو النافذين والعامة في الانطلاق من “العقل الجمعي”والعواطف والغرائز والمصالح المادية الجماعية التي تفضي إلى التبعية والولاء للجماعة الشعبية او الطائفية أو الحزبية أو العشائرية، وإلى الجمود والتسلط والفوضى وغياب النقد للمفاهيم الخاطئة والواقع السيء واستبدال الأسباب الحقيقية للأزمات والمشكلات بأسباب مزيفة واقتراح حلول جزئية وترقيعية ومؤقتة.
إن تقسيم الناس بين فريقين أو فئتين أو اتجاهين مشكلة المشكلات، فما الذي يمنع أن يكون هنالك اتجاه ثالث ورابع ورأي حر مستقل نخبوي، لا مع من يسمون سلطة ولا مع من يسمون معارضة و”ثورة”!؟ ولكن اللاعبين الدوليين والاقليميين يريدون تقسيم الناس إلى فريقين أو اتجاهين لتسهل إثارة الأزمات ومسرحيات الصراع والخلافات. أما المشكلة الثانية فهي تصنيف الناس على أساس مذهبي وطائفي وحزبي بدلا”من الانتماء إلى الذات الفردية والخصائص التي يتميز بها كل فرد على أساس الفكر والاختصاص والمهنة والكفاءة والذوق والعمل والإنتاج والإبداع . وهذا الواقع يفتح الطريق أمام السطحيين والديماغوجيين والفوضويين والوصوليين والوقحين لتحقيق غاياتهم وطموحاتهم ومصالحهم على حساب النخبة المستقلة.
إن ما يدفع الكثير من الناس إلى اللحاق بالحالة الجماعية الشعبية والطائفية والحزبية وبعبارة أخرى حالة االقطيع هو ما يسمى “العقل الجمعي “والايديولوجيا وغرائزالرغبةو البقاء والموت الجماعية والمصلحة المادية الجماعية . وكلها دوافع ضد المثقف المستقل النخبوي الذي يرفض السير في حالة القطيع ويابى الخضوع والتذلل للآخرين لأجل “العقل الجمعي ” والمعتقدات والعواطف والغرائز والمصلحة المادية، ولا يسمح لأحد بهز كبريائه وكرامته والتعدي على حريته وحقوقه بسبب الدوافع المذكورة التي يتلطى وراءها الأدنى منه مستوى على صعد الشكل والمضمون والسلوك والذوق والمكانة لممارسة التكبر والتطاول و”التشبيح “والتضييق عليه في ظل اختلال التوازن والتخلف الذين ازدادا بسبب الأزمة الحالية المسيسة والاقتصادية والنقدية والاجتماعية. لذلك، إن أصدقاء المثقف المستقل النخبوي قليلون جدا”قياسا”الى غيره بسبب موقفه الرافض للخضوع والذل والتبعية وحالة القطيع الشعبي والطائفي والحزبي والعشائري واستعمال الإنسان وسيلة لخدمة الدين والايديولوجيا والسياسة والمجتمع والاقتصاد والمال!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى