التحقيقات

حل الأزمة الاقتصادية مرتبط بإنهاء مسرحية الأزمة السياسية – أسامة إسماعيل

المفهوم الأساسي والاصلي للسياسة هو إدارة الشؤون العامة وتنظيمها والعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والإنماءية، ولكن المفهوم السائد والشائع للسياسة محليا”وعالميا”هو الانتخابات والمظاهرات والوصول إلى السلطة والزعامة وتقاسم الحصص والنفوذ والمصالح الفئوية والحزبية وكذلك يطغى البعد الشعبوي والعددي للسياسة بدلا”من البعد النخبوي. وهذا الاختلال بمفهوم السياسة ومنهجيتها والعمل بها انعكس سلبا”على إدارة الاقتصاد والمال العام والتنمية، فازداد الهدر والفساد المالي والتوظيف على أساس “الواسطة”و”المحسوبية”والتبعية الطائفية والحزبية، ووضع الاقتصاد والمال العام والمعيشة والمرافق العامة والإدارة العامة وسط تجاذبات مسرحيات الخلافات والصراعات والانتخابات. وأكبر مثل على ذلك هو الأزمة الحالية المفتعلة بايعاز داخلي وخارجي.
إن تسخير الاقتصاد والإدارة والمال العام والانماء لمسرحيات الأزمات والصراعات والانتخابات التي يقوم بها السياسيون والأحزاب بالتوازي مع اللعبة الدولية الإقليمية تؤدي إلى هذا الواقع السيء جدا”.وتدل المؤشرات الاقتصادية والنقدية والمعيشية المتداولة حسب أكثر من مصدر واحد دولي ومحلي على هذا الواقع. وخاصة التضخم في الأسعار ونسبته 100في المئة ونسبة البطالة 35في المئة،وانكماش اقتصادي 25في المائة…
ومن أهم النتائج السلبية للمفهوم السيء والمنهجية السيئة للسياسة المطبقة في لبنان هو أن التوظيف وفرص العمل في هذا البلد في القطاعين العام والخاص قائم على أساس “الواسطة “والمحسوبية”والتبعية الطائفية والحزبية. فالمستقل النخبوي صاحب العلم والاختصاص والكفاءة ممنوع عليه الدخول في جنة المناصب والوظائف وفرص العمل والدخل الجيد عدا التهميش الذي يتعرض له ومحاولات تجريده من حريته وقيمته ومكانته ومضايقات الجهال والسطحيين والفوضويين و”الازلام”وازعاجهم له.
إن النظام الديموقراطي الانتخابي الطائفي الحزبي يولد أزمات ويشجع حالات التسييس الذي يشمل الإدارة العامة والاقتصاد والمعيشة والانماء ويهمش المستقل النخبوي فيما يقوي الحالة الطائفية والحزبية والشعبوية ويجعل بعض وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي مروجا”لهذه الحالة ومخاطبا”العاطفة والعصب الجماعي بدلا”من مخاطبة العقل الفردي وتشجيع المستقل النخبوي،مما يؤثر سلبا”في الوعي واللاوعي والسلوك والحرية الفردية والشعور بالأمان والمجتمع والاقتصاد. فالازمة الحالية في هذا البلد هي نتيجة الديموقراطية الانتخابية الطائفية الحزبية والشعبوية واللعبة الدولية الإقليمية والمنهجية السيئة للسياسة.
الحل للازمة الاقتصادية والنقدية والمعيشية الحالية مرتبط بإنهاء مسرحية الأزمة السياسية،ما يعني أن الحل بيد الذين اوجدوا الأزمة السياسية من الداخل والخارج وخاصة أزمة تأليف الحكومة . وإذا تحقق هذا الحل تحضر تلقائيا”الحلول للمشكلات المستجدة الاقتصادية والنقدية والمعيشية المرتبطة بالأزمة الحالية، وخاصة تضخم الأسعار ونقص المحروقات والتقنين القاسي للكهرباء دون انتظار تحقيق الحلول الترقيعية والجزئية والمؤقتة وصعبة التحقيق.
أسامة إسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى