التحقيقات

نتائج تسخير الانسان الفرد والاقتصاد والتنمية للسياسة الانية وألاعيبها – أسامة اسماعيل

هنالك فرق بين السياسة العامة وفلسفتها من جهة والسياسة الانية وألاعيبها من جهة أخرى،وبين الادارة والتنمية من جهة والزعامة والتحزب والانتخابات والرئاسيات والطائفية والمهرجانات والتظاهرات الشعبوية من جهة أخرى.وما هو سائد هو النوع الأخير.فمن يسمون”زعماء” وسياسيين والأحزاب وبعض “رجال الدين”والاقتصاديين مهتمون ومنشغلون بهذا النوع الذي يؤدي الى الانحدار والأزمات وتفاقم المشكلات في مختلف المجالات دون ايجاد حلول لها.وهم يسببون هذه الأزمات ويتحملون المسؤولية المباشرة أو غير المباشرة عنها.
المستهجن أن تهتم معظم وسائل الاعلام والتواصل بالسياسة الانية وتفاصيلها والموضوعات التي تتعلق بالزعامة والأحزاب والطائفية والانتخابات والرئاسيات والمهرجانات والتظاهرات الشعبوية ومسرحيات الخلافات وتبادل الاتهامات أكثر بكثير من اهتمامها بالسياسة العامة وفلسفتها والادارة العامة والتنمية وتحسين الأوضاع لأسباب تتعلق بالتمويل وتأمين الاستمرار وجذب الاهتمام،حيث أن الكثير من الناس مسيسون وتابعون بسبب النظام الديموقراطي الانتخابي الطائفي الحزبي الذي يجعل السياسة مسألة شعبويةوعاطفية لا نخبوية وعقلانية.والكثير من وسائل الاعلام والتواصل منخرط في اللعبة المسيسة ومسرحيات الصراع والخلاف. وذلك بدلا”من أن تقوم معظم وسائل الاعلام بالتوعية والتوضيح بأن الأزمة الحالية في لبنان هي نتيجة السياسة الانية السيئة وألاعيبها وتسخير الادارة والمال العام والاقتصاد والتنمية لهذه السياسة وألاعيبها، فتضعف الادارة والتنظيم والضوابط لشؤون المال العام والنقد والاقتصاد والمرافق العامة والانفاق العام والمشاريع الاستثمارية والانمائية.ومن نتائج ذلك: تحويل الودائع بالعملة الصعبة الى الخارج بدون سقف معين وضوابط وهو ما يحاولون اظهار الاهتمام بتداركه عبر مشروع قانون “كابيتال كونترول”الذي طرحوه بعد تفاقم الأزمة رغم الثغرات الموجودة فيه التي يشير اليها الخبراءو رغم أن حاكم مصرف لبنان لديه صلاحيات تخوله ضبط التحويلات الى الخارج قبل استفحال الأزمة على أساس التعريف العلمي للمصرف المركزي بأنه “مركز المراقبة والتوجيه”.ومن النتائج أيضا”: الهدر والانفاق غير المجدي والتوظيف المسيس والانتخابي واهمال المرافق العامة والبنى التحتية والقطاعات المنتجة.وبذلك يصبح الاقتصاد والمجتمع والانماء خارج اطار العدالة والانصاف والتوازن فيغنى أفراد ومجموعات على حساب أفراد اخرين، وخاصة في فترة الأزمة الحالية حيث أن البعض يربحون الكثير نتيجة ارتفاع سعر الدولار الأميركي الذي يملكون كميات منه مداخيل أو رواتب فيما البعض الاخر يخسرون لأن مداخيلهم أو رواتبهم المحدودة هي بالليرة اللبنانية التي فقدت 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، مما يوجد فوارق اقتصادية واجتماعية شديدة بين الناس ويزيد ثروات كبار المودعين والتجار والمقاولين والمضاربين.
من يسمون “زعماء طوائف” والسياسيون والأحزاب والتابعون لهم وبعض “رجال الدين”ومن يسمون “ثورة”أو”انتفاضة” مهتمون بالزعامة والرئاسة والمناصب والشعبية والثروة ومسرحيات الخلافات وتبادل الاتهامات كأنه لا أزمة ولامشكلات،يتحملون المسؤولية عنها، وتحتاج الى حلول عاجلة وشاملة لا حلولا”ترقيعية وملتبسة ولا انتظارا”طويلا”لاصلاحات قد لا تتحقق،وللتنقيب عن الغاز والنفط الذي يخضع للتسييس والتعقيدات والمحاصصة؟!! ويبقى القول ان السياسة الانية السيئة التي يسببها تشويه مفهوم السياسة وتحريفه والنظام السياسي السيء،يغذيها أيضا”المفهوم الخاطئ الذي يفضل المجتمع أو الجماعة على الفرد وخاصة النخبوي المستقل ويحاول تهميشه واستلاب كيانه وحقوقه ويجعل العقل والعاطفة والغريزة والحاجات المادية للفرد أمورا” جماعية لا ملك الفرد وحده،ويبيح التدخل في الأمور الشخصية والفكرية والمهنية للفرد والضغط عليه،ويستبدل النشاط بالضجيج المزعج والضار،والهدوء بالجمود القاسي،والمفهوم المشوه للدين الذي يجعله مسألة تقديس وولاء عاطفي وتبعية لأشخاص وطوائف وأحزاب أكثر مما هو عبادة وتقديس وولاء لله وحده مع الفوائد الدنيوية والأخروية المتأتية من ذلك.بالاضافة الى انحدار دور الكثير من وسائل الاعلام وأدائها الذي يشجع ويروج للسياسة الانية السيئة ذات النتائج المؤذية والمزعجة والضاغطة جدا”وتعتبر الأزمة الحالية في لبنان أكبر مثل على ذلك.
أسامة اسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى