التحقيقات

الانسان كائن فردي اجتماعي بشروط وحدود \ أسامة اسماعيل

الاخلال بهذه الشروط يؤدي الى أزمات ومشكلات
التعريف التقليدي للانسان هو أنه كائن اجتماعي، وهذا التعريف تبسيطي وتعميمي واختذالي ويحمل تناقضات أصحاب هذا التعريف أو المفهوم ،وخاصة الفلاسفة القدماء الذين قالوا ان مايميز الانسان عن سائر الكائنات الحية هو العقل والارادة،فاذ بهم يعلون شأن العاطفة والغريزة والحاجات الطبيعية والمادية على العقل والارادة بهذا التعريف،لأن الدافع الى الاجتماع لدى الكائنات الحية غير الانسان هو العاطفة والغريزة والحاجة. أما الانسان فيستطيع بعقله وارادته أن يكون فرديا”وفي الوقت نفسه يستطيع أن يتعامل مع المجتمع بشروط وحدود معينة،ويستطيع بعقله وارادته أن يكون حرا”مستقلا”نخبويا”،فيمتنع عن السير في القطيع الاجتماعي الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي،وبذلك يصبح تعريف الانسان هو أنه كائن فردي-اجتماعي بشروط وحدود معينة.
قد يكون الانسان ذا شخصية انطوائية ولكنه ليس منعزلا”،فيتعامل مع الاخرين في المجالات المادية والاقتصادية والثقافية والمعنوية بشروط وحدود، هو يقررها مسبقا”أو بالاتفاق مع الاخر.وهذا دليل واضح على أن الانسان ليس كائنا”اجتماعيا”بشكل مطلق كالحيوانات والطيور والحشرات الاجتماعية.فالحيوان الاجتماعي لايفكر بالحرية والاستقلال والكرامة والراحة النفسية والعدالة،فهذه المفاهيم متعلقة بالعقل والارادة،ولكن العاطفة والغريزة والحاجات المادية تؤثر فيها،ايجابا”أو سلبا”.فالانسان يستطيع بعقله وارادته الفرديين أن يحدد اتجاهه وعلاقته مع النظام الاجتماعي والسياسي والديني والاقتصادي والظواهر الاجتماعية بناء”على توافقها أوتعارضها مع حريته واستقلاله وكرامته وحقوقه وراحته،فيعارض وينتقد النظام الديموقراطي الانتخابي الطائفي العشائري الحزبي الذي يسير الأفراد في القطيع الاجتماعي ويولد أزمات كالأزمة الحالية التي تنهك ذا الدخل المنخفض والمحدود والمعطل عمله، والاقتصاد الرأسمالي الحر الذي لايحقق العدالة الاقتصادية والاجتماعية ويبيح الاثراء على ظهر الاخرين والتلاعب بالمال عبر تحويل الرساميل بالعملة الصعبة أو تهريبها الى الخارج بعد اعلان اعادة هيكلة الدين العام والاقتطاع منه ،والمضاربة بالاسعار وفق آلية العرض والطلب والصفقات المتعلقة بالمال العام والهدر وربط قيمة الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي والسماح بوجود السوق السوداء والاحتكارات،ما رفع سعر الدولار أضعافا”مضاعفة وأصبح سعر السوق السوداء للدولار الأعلى والأكثر تداولا” بين الأسعار المتعددة للدولار وأدى الى انخفاض قيمة الليرة الى أكثر من 93 في المئة وارتفاع أسعار السلع والمواد والخدمات الى ما يفوق بكثير القدرة الشرائية لذي الدخل المنخفض والمحدود والمعطل عمله فيما القرارات الحكومية والقوانين الأخيرة لاتلجم هذه المشكلة وخاصة القرار الأخير باعتماد السعر الجمركي أي 15000ل.ل.للدولار سعرا”رسميا”،فلا فائدة من هذه القرارات إن لم يوحد سعر الصرف وإن لم تلغ السوق السوداء وإن لم ترفع قيمة الدخل الفردي في القطاعين العام والخاص بما فيه العمل الحر لتتناسب مع السعر المخفض والمثبت والموحد للدولار.
النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي السيء ينتج الاستبداد والتعصب والفوضى والفساد المالي واﻻداري والاجتماعي والهدر والظلم والأزمات،وهذا مايعارضه وينتقده المثقف النخبوي المستقل فيما القطيع الاجتماعي الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي يوافق على الأنظمة على علاتها أو
يقوم بردات فعل عاطفية وجزئية وأنية تعيد المشكلات والأزمات وأسبابها أوتزيدها وهذا ماتروجه وسائل الاعلام المسيسة والتابعة.فالموافقة أو ردات الفعل الاعتراضية لاتقوم على العقل والارادة الفرديين بل على معتقدات جاهزة ومفروضة وعواطف جماعية ومصالح مادية أنية.وهذا ما يتعارض مع مفهوم الانسان كائن فردي-اجتماعي بشروط وحدود معينة تقوم على مبادئ الحرية والاستقلال والكرامة والعدالة،بل هذا الأمر يتوافق مع مفهوم الانسان كائن اجتماعي بشكل مطلق الذي يولد ويعيش ويعمل ويتزوج وينجب الأولاد ويموت لأجل المجتمع المصغر(Microcosmy)والمجتمع المكبر(Macrocosmy)
أي الطائفة والعشيرة والحزب والشعب.وهذا ما يشجعه ابتعاد الدين عن جوهره بسبب الشوائب والاختلالات الموجودة في المذاهب والطوائف التي ترسخ حالة القطيع الاجتماعي والولاء والتقديس والتبعية لأشخاص وتسوغ الظلم الاجتماعي والاقتصادي والمعنوي وتهمش العقل والارادة الفرديين.ويستغل الذين يسمون زعماء”والأحزاب الطائفية وحتى الايديولوجية هذه الشوائب والاختلالات لأجل الوصول الى السلطة أو البقاء فيها والسيطرة والنفوذ ومصالحهم المادية.
أسامة اسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى