التحقيقات

مقهى التل العليا …. من زمن طرابلس الجميل – تحقيق: هالة حداد

هل انطفأت  روح الخلق ونسيت  العظمة العلمية السابقة

عند العرب وتحولوا الى مشاهدين  لبرامج الكاشفة للمواهب الغنائية والاستعراضية .
كانت المدينة تقوم عند ضفتي نهر ابي علي وينتشر عمرانها بشكل اساسي عند ضفته الشمالية والواقع ان عمران المدينة كان ينتشر حول قلعة سان جيل  المطلة على النهر                                              .                                                                     اكد لنا استاذ التاريخ الدكتور عمر تدمري ,ان مقهى التل العالي كان منتزه المدينة ومن حوله بساتين الليمون ,يقع على تل في طرف المدينة ,في أوئل القرن التاسع عشر بدأت العمارة بالظهور حول التل.
كان الرحالة الاوروبيون والشعراءفي حينها يتغنون بجمال منظر البحر الذي يرى من المنتزه ,فمنه كانوا يراقبون ابحار السفن و مرور القطار حول الميناء,ويتنشقون رائحة زهر الليمون المنتشر حولها.
كما أن  هذة التلة لعبت دور صلة الوصل بين افراد المجتمع  من جهة, وبين المجتمع الطرابلسي والمستشرقين من جهة اخرى .فقد تعودت المشايخ والعلماء الجلوس فيها وبحث امور الدين والفقه ,هذا عامل جذب لطلاب العلم والدين والتفاسير رغم كثرة المدارس و التعليم في الجوامع ايامها.و قد عرف المنتزه بأنه ملتقى العلماء والمفكرين والادباءوالشعراء و أقيمت فيه مناظرات دينية وفكرية مع الرحالة الاوروبين حول الفقه,و لقاءات و ندوات للمشايخ والمفتين مع الطلاب وسائر الجمهور ,فقد شوهد  عدة مشايخ يقومون بتفسير القرآن الكريم ومنهم الشيخ محمد الحسين. .كان المفكر يملك قدرة المغنطيس على جذب انتباه الناس والطلاب من اهمهم الشيخ عبد الكريم عويضة
وكان اضطرارهم للصلاة يدفعهم للمشي مسافة طويلة للوصول للجوامع ,فتبرع احد اجداد آل كرامي لبناء مسجد بالقرب من المنتزه ,كما ذكر عبدالله نوفل وبعض تراجم علماء طرابلس.
كانت الناس تقصد المقهى للترويح عن النفس و لاكتساب ثقافة عامة,وبالاضافة الى ذلك اقيمت فيها عروض و مباريات في المصارعة الحرة ,الفروسية ورماية الرمح. . حتى ان المتصرف عزمي بك كان يلازم المقهى ,لتأمل البحر.
ما اجمل ان تقوم بلقاء صحفي بين اشجار التوت ودوالي العنب والزيتون  وجارك نافورة ماء عذب ,مقهى يتوسطه كوخ خشبي
للمصلين .  
جلست الى طاولة للدردشة مع السيد محمود عابدين(المعروف بأبي سعد)صاحب المقهى منذ العام 1959
    لمن تعود ملكية المقهى وما هي مساحته ؟
    مساحته 4590 م2

المقهى وقف لعائلة المجذوب يعود ريعه لمسجد التل , الملا صق لها .وقد تم بناء السورو حولها والبوابات عام 1870
    كيف استطعتم الاستمرار بعد وفات والدكم؟
قام الوالد سعد الله عابدين عام 1939 بادارة المقهى ,في ايام العز ,وقد شهدت الحديقة الكثير من الندوات الثقافية ,وكان الرواد يتحلقون بدوائر منها دينية وادبية وعلمية وفكرية ,حتى أن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد زارنا وقام بقراة القرآن الكريم لنا في جلسته .
    روى لي اقاربي انكم اقمتم سينما صيفي ؟
نعم كانت العائلات تحضر الى المقهى في ايام الصيف لقضاء السهرة امام احدث الافلام ,ولكن الحرب الاهلية اضطرتنا على توقيف هذة الخدمة
.
    كيف استمريت بعد الحرب ؟
حاول عصام فارس شراء الارض من الاوقاف لبناء مجمع تجاري لكننا ناضلنا في المحاكم لمنع البيع.لكن للاسف تغيرت نوعية الزبائن ,فقلت نسبة المثقفين ,حيث أن الجيل الجديد متأثر جدا بوسائل الاتصال الحديثة واجهزة الكومبيوتر ,فبدل ان يدردشوا مع بعضهم البعض وهم جالسون الى الطاولة ,ترى كل ملتصقا بجهازه لشدة فراغه يتواصل مع اصدقاء  افتراضين من خلال نافذة وهمية  ,.

    كيف ترى حضور الجنس اللطيف ؟
خجولا جدا فيما مضى كانت مجموعة نسوة من حارة النصارة يتحلقن حول النراجيل ,او كان بعضهن يحضرن مع العائلة لمشاهدة الافلام .هذة الايام صار الاختلاط بين الجنسين مقبول في اطار الاداب العامة ,مع المحافظة على التقاليد المتعارف عليها في طرابلس .المقهى مكان للراحة بعد يوم عمل طويل ومتعب ,اوللقاء عمل , يجتمعون الناس لتبادل اطراف الحديث ,فوجود هذة المساحة الخضراء وسط المدينة حاجة ملحة لاهل المدينة وزوارها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى