فلسطين

التوترات بالضفة

وطلب دولة فلسطين العضوية الكاملة!

بكر أبوبكر

في ظل المقتلة وفي نفس الوقت تمامًا الذي قدمت فيه دولة فلسطين طلبًا للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة تتصاعد التوترات وحلقات العنف الداخلي ضد المجتمع المحلي في فلسطين، وخاصة ببعض أجزاء الضفة، وفي قطاع غزة ما يثير أكثر من علامة استفهام؟

إن تقديم دولة فلسطين طلبًا للعضوية الكاملة في الامم المتحدة يعدّ أهم حدث دبلوماسي عربي وفلسطيني كبير في ظل السواد الذي يلف البلاد، لاسيما إن آتى ثماره وتحقق بالدعم العربي والعالمي بإذن الله.

في ظل الكارثة والمقتلة التي نعيشها هذه الأيام في غزة والضفة تتصاعد التوترات وحلقات العنف المجتمعية في فلسطين بشطريها باتهامات لأصابع خارجية فيها، وهو مما يدركه الجمهور الذي يفصل بين نشطاء الكفاح الفلسطيني والمقاومة الشعبية، وأولئك الطارئين على الميدان من ذوي السوابق والشبهات كما أشارت لهم جماهير فلسطين مؤخرًا فيما نشر من مقطاع مرئية، واخبار بالضفة، وكما أشارت للطارئين من سارقي المساعدات والإتاوات والمعربدين على الناس المكلومين في قطاع غزة.

· لا يمكن لمن ينتهج نهج الثورة أو المقاومة أو النضال بكافة أشكاله إلا أن يكون محبًا لشعبه وخادمًا أمينًا له، وساعيًا لتحقيق ثباته وصموده، فهو الفدائي الذي يفدي ويضحي ويقدم نفسه على الشعب، ويحترم مؤسساته المدنية، ولا يجعل نفسه عزيزة، ويعرض الجماهير للعذاب والقتل والذبح أو الابتزاز والخاوات.

· نهج الثورة هو نهج الانسان الحر، نهج الوعي والإدارك، ونهج التوازن وفهم عوامل القوى وليس الإيغال بالخطيئة حين ظهور النتائج فوق الكارثية.

· نهج النضال الحقيقي هو نهج التخطيط والبدائل. والتجربة نعم لكن إن بدت بوادر فشلها أو فشلت أخذ العبرة وأقر بحساباته الخاطئة، وقام بالتغيير.

· نهج النضال هو بالتجدد والابتكار، وليس منهج (الحِران) أي نهج الوقوف والملازمة للأمر دون نقده أو تغييره الى حد تنزيهه او تقديسه واتهام الآخر.

· إن الشخص أو الفصيل الحرون (من الحِران) هو الذي يرفض النقد ويأبى أن يحاسب الإدارة/القيادة الفاشلة التي تحتاج للكثير من النقد والنقد الذاتي، خاصة في ظل حرب صهيونية مدعومة عالميًا حالية ضد دولة فلسطين، وفي ظل ضمور فعل المحاور المضلّلة وانفضاضها الفعلي عن دعم فلسطين وظهور أياديها العابثة وأنها لا تعمل الا لمصالحها فقط مهما غمستها بزيت فلسطين المقدس.

عود على بدء قلقد أرسل السفير الفلسطيني في الأمم المتّحدة، المناضل رياض منصور، الثلاثاء 2/4/2024 رسالة إلى الأمين العام للأمم المتّحدة، أنطونيو غوتيريش، قائلًا فيها أنه “بناء على تعليمات القيادة الفلسطينية، يشرّفني أن أطلب منكم أن ينظر مجلس الأمن الدولي مجددا خلال نيسان/أبريل 2024″ في طلب نيل العضوية الكاملة الذي قدّمته السلطة في 2011 ولم يبتّ فيه المجلس منذ ذلك الحين.” وهذا خبر عظيم، ويحتاج جهد عربي وعالمي مميز ومختلف وإبداعي يستثمر فيه تضحيات شعبنا العظيم طوال اكثر من 100 عام، ومؤخرًا فيما يحصل بالقطاع.

لا أعتقد أنه بمحض الصدفة يتم التداخل بين أحداث تشويش وخلل مجتمعي تقع في فلسطين، بالضفة، وبين الطلب الفلسطيني الذي إن كان هناك شيء يزعج اليمين الإسرائيلي الفاشي فإن هذا الأمر يقع في قمة الأمورالمزعجة والقاتلة لمسيرة اليمين الصهيوني الفاشي سواء في المقتلة والكارثة في غزة أوفي الضفة. حيث أن منع استقلال دولة فلسطين (والقائمة ولكنها تحت الاحتلال) يعتبر في قمة أولويات الاستراتيجية الصهيونية في مذبحة غزة. وكما صرح نتنياهو مرارًا وتكرارًا أنه منَع وسيظل يمنع قيام الدولة الفلسطينية بل وأخذ قرارًا بالكنيست بذلك، وعندما قدم خطته “لليوم التالي”، وخطة من لحقه مثل آيزنكوت كانت معضلة الدولة الفلسطينية قائمة، وتلح الخطط هذه كلها على تجاوزها أو إغراقها بالبحر عبر التأجيلات والمراحل والاشتراطات!

تتمتّع دولة فلسطين منذ نهاية 2012 بصفة “دولة مراقب غير عضو في الأمم المتّحدة” وآن الاوان لتغيير ذلك، لذا فإن العملية الدبلوماسية لاستثمار أحداث عدوان غزة الفاشي القاتلة يأتي في خطوة دبلوماسية ذكية بهذا التوقيت، وهي بالحقيقة المطمح الفلسطيني من النضال: أي تحرير دولة فلسطين القائمة لكنها تحت الاحتلال (أو بصيغة العالم تحقيق حل الدولتين وأقامة دولة فلسطين).

من غير المفيد بل هو تسميم يحمل معاني الخطيئة في ظل طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين أن يحدث أي افتراق وتشرذم فلسطيني سياسي أوتخريب داخلي، ولا سيما أن استقلال دولة فلسطين يمثل الهدف الأكبر للنضال مما اتفق الجميع عليه (أنظر لقاء العام 2020-الفصائل والرئيس).

وعليه فإن الافتراض الوطني الأمثل هو أن يدفع هذا الطلب المقدم للامم المتحدة للاقتراب الفلسطيني-الفلسطيني أكثر وأكثر. فلا تذهب تضحيات شعبنا البطل في غزة سدى بين أرجل المتعصبين الفصائليين أوالقيادات النزقة، أو تجار المآسي وأصحاب الخاوات التي يفرضونها على البشر أو بين مجموعات خارجة منفلتة يتم تجييرها ضد المجتمع المحلي.

في جميع الحالات التي طغى فيها (عقل) الانشقاق والافتراق الوطني كمنازعة على السلطة/الحكم كنت تجد الأصابع الخارجية والتعصب الفصائلي المدمر يسود الى درجة التحريض ضد الفصيل الآخر، وخاصة ما هو ضد السلطة الوطنية الفلسطينية الى درجة الانحراف بالقول أن قتال السلطة أولى من قتال التناقض الرئيس أي الاحتلال!؟ كما صرح ممن لا نريد ذكر اسمه الآن.

لذا نقول هنا كفي. ولتتوقف أبواق الفتنة الفصائلية، ولتتوقف فضائية التهييج والتضليل والتحشيد عن بث سمومها، وليتفرغ الجميع لدرء الفتنة الداخلية، وليسمو هدف وقف العدوان الهمجي ودعم العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالامم المتحدة، وبالأيادي المتشابكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى