التحقيقات

بدلا”من ان يكون الدين مع تحرير الفرد واعلاء قيمته \ أسامة اسماعيل

يستعمل لخدمة السلطة والأحزاب والقيود الاجتماعية والشعبوية
هنالك اهتمام مبالغ فيه بالمذهب الديني الى حد اعتباره أهم من الفلسفة والعلم والثقافة العامة وفوق العقل والارادة الفرديين.وهذا الاهتمام المبالغ فيه أو الغلو هو بسبب السلطات و”رجال الدين”والأحزاب والمتاجرين بالدين عبر التاريخ حتى اليوم،وبسبب ربط الدين أو المذهب بالجانب الالهي والغيبي فيما الأمور الأخرى مرتبطة بالجانب البشري.بالاضافة الى العامل النفسي والاجتماعي والتشريعي الذي يجعل الدين أو المذهب أمرا”أساسيا”وأهم من الفلسفة والعلم ويجعل الجماعة أهم من الفرد وعقله وارادته كونهما بنظر السلطات الدينية المذهبية و”رجال الدين”والأحزاب الدينية المذهبية وأتباعهم أمرين بشريين فيما الدين أو المذهب أمر الهي مقدس وفوق بشري!!! ويقع هؤلاء في تناقض عجيب غريب، فمن جهة، الدين أو المذهب يمثل الجانب الالهي فوق بشري،ومن جهة أخرى يقدسون ويعظمون أشخاصا”بشريين ويسبغون عليهم صفات تختص بالاله أو تقترب منها مثل العصمة من الخطيئة والخطأ ومعرفة كل شيء وخوارق الطبيعة ويخصصون لهم أعيادا”ومناسبات ويذكرونهم بالاسم مثل ذكر الله وأكثر.وهذا الأمر يدل على الشطط والغلو والنكوص الذي اعترى الدين بتشجيع من السلطات والأحزاب والنصوص الموضوعة والتأويل والنزعة العاطفية والجماعية والمصالح المادية!!!
الشائبة الكبرى التي اعترت المذهب الديني هي القطيعة بينه وبين العقل والارادة الفرديين حيث أصبحت المعتقدات والنصوص والروايات الدينية، وبعضها موضوع، وتأويلاتها والعواطف الجماعية المقرونة بالمصالح المادية أهم منهما وتحكم تفكير الكثير من الناس وأقوالهم وسلوكهم وتدفعهم الى السير في القطيع. فمن ينطلق من عقله وارادته الحرة يعارض وينتقد المعتقدات اللاعقلانية والأساطير والطقوس والمناسبات والأناشيد وما يسمى “لطميات” تعظم وتقدس أشخاصا”بشريين وتذكرهم مثل ذكر الله وأكثر وتقدم لهم الولاء والتلبية كأنهم الهة، ما يتناقض مع مفهوم الدين الذي يعني عبادة الله وتقديسه والولاء له وحده وتحسين السلوك والذوق للوصول الى الجنة ولتكون الحياة فضلى ولأجل العدالة والراحة النفسية.ويتناقض الضجيج والازعاج والضغوط المرافقة للمناسبات والشعائر الطائفية والمذهبية مع مفهوم الايمان الحقيقي المبني على العقل والتأمل والهدوء.فشائبة القطيعة مع العقل والارادة الفرديين والشوائب الأخرى الملحقة بالدين بالاضافة الى استغلال الدين واساءة استعماله أمور تشجع استمرار ظاهرة دين الطوائف والمظاهر والأحزاب والمناسبات واستفحالها.ويشجع النظام الديموقراطي الطائفي العشائري الحزبي واللعبة الدولية الاقليمية هذه الظاهرة أيضا”.
لو عرض المذهب الديني على العقل والمنطق الفردي والارادة الحرة لما استمرت هذه القشور والشوائب والمعتقدات والمناسبات والطقوس والعادات اللاعقلانية ولما قويت،ولكان الدين عاملا”أساسيا” في المحافظة على قيمة الفرد وحريته واستقلاله وكرامته وحقوقه وتعزيزها ضد التدخلات ومحاولات الاستلاب والضغط والقهر والتسلط والفوضى والمزاحمة والظلم والتعدي والاهانة،

وفي توجيه الصراع الوجهة الفردية الصحيحة بالوسائل السلمية بدلا”من أن يكون الصراع ذات طابع جماعي طائفي أو عشائري أو حزبي أوشعبي أو دولي.فالصراع الحقيقي هو صراع الفرد لأجل حريته واستقلاله وكرامته وحقوقه وراحته لاصراع الأحزاب والجماعات ومن يسمون “زعماء”والدول وحروبهم.فهذه الصراعات والحروب تضر المستقل الحقيقي فيما يستفيد صانعو هذه الصراعات والحروب والأزمات والمشاركون فيها،من دول وسياسيين وأحزاب وتابعين لهم، منها.ويستغلون الدين أو المذهب في هذه الصراعات والحروب والأزمات لأجل غاياتهم ومصالحهم بدلا”من أن يكون الدين ضد هذه الصراعات والحروب والأزمات التي لاتدخل الانسان في جنة أرضية أو أخروية بل العكس!!!
ان ابتعاد الدين عن جوهره واهتمام “رجال الدين”والسلطات الدينية وأتباع الدين او المذهب بالقشور والمناسبات والطقوس والعادات والمظاهر الجماعية والولاء والتقديس لأشخاص بشريين نزع من الدين أي دور في تحرير الفرد واعلاء قيمته.وبدلا”من ذلك يفضل المذهب الديني الجماعة على الفرد ويسمح لها بتكبيل حقوقه الطبيعية والمكتسبة بعادات وتقاليد والزامات ضاغطة ومزعجة ومكلفة تحت مفهوم خاطئ ومزيف يقول ان العقل والارادة والعاطفة والغريزة والحاجات المادية والطبيعية والزواج والعمل والدخل والمكانة أمور ووظائف اجتماعية لافردية وشخصية،ولاسبيل للفرد الى الحصول على حقوقه الطبيعية والمكتسبة الاعبر التقيد بهذه المعتقدات والعادات والمناسبات والانتماء والولاء الطائفي والعشائري والحزبي!!!
يقول شلاير مخر:”ان أشد الصور غرابة على الدين هي الصورة الطائفية أو العقائدية التي يزعم أصحابها أنها من طبائع الدين.”ويقول غوستاف لوبون:”التأمل يورث التعقل في الانسان بشرط ألايتدخل المنطق العاطفي”.ويقول خير الدين التونسي ورفاعة الطهطاوي:”تحرير الفرد هو شرط تحرر المجتمع.وفكرة العدل تتحدد بفكرة الحرية.” ويقول عابد الجابري:”ممارسة النقد ليس لأجل النقد بل لأجل التحرر مما هو متخشب في كياننا حيث يكون الانسان خادما”للنص”.ولم يكن أبوالعلاء المعري رافضا”للدين بل كان رافضا”للفهم المقلوب للدين.وقال:لا امام سوى العقل.وقال جمال الدين الأفغاني:”الصراع بين الدين والفلسفة ظاهرة ستبقى دائما”قائمة في الاسلام لأن هذا الصراع قائم أبدا”في العقل البشري نفسه.”ويقول كانط:”الارادة بدون حرية كلمة فارغة…انها الفكر حيث يترجم في الوجود”.ويقول فيلسوف اسكتلندي:”الارادة في الانسان هي التي تحكم العقل”. ويقول الان تورين:”العقل هو أساس لااجتماعي ولايبرر أولوية المجتمع على الفرد”.
أسامة اسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى