التحقيقات

التغير والتطور في مواجهة الجمود والتبعية – أسامة اسماعيل

كثير من الأشخاص تبدأ حياتهم بالتأثر بحالات معينة، ويظهر هذا التأثر على صعد الشكل والمظهر والسلوك.ولكن،بعد فترة من الزمن يتغير الشخص ويتطور بسبب اعتماده على عقله وارادته والعلم والثقافة والتجارب الشخصية والنفسية والعملية.فاذا كان في مقتبل عمره متأثرا”بحالة دينية مذهبية أو حزب ديني مذهبي، وكان مؤيدا”لمعتقدات ومناسبات وطقوس وعادات معينة وكان يشارك الاخرين فيها نتيجة التأثر لانتيجة العقل والارادة الفرديين والاقتناع التام والانسجام الكلي مع الذات،فان التغير والتطور سيحدثان في شخصية هذا الفرد شكلا”ومضمونا” واتجاها”وسلوكا”بل انه سينقلب على هذه الحالة التي كان عليها وسينتقد هذه المعتقدات والمناسبات والطقوس والعادات ويرفضها،وسيعارض وينتقد الحزب الذي كان متأثرا”به والمجتمع الذي يتبنى هذه الحالة بأكثره.
الجمود والبقاء على الحالة التي كان عليها الفرد في مقتبل عمره هما أمر خاطئ ومرفوض فيما التغير والتطور والانتقال من هذه الحالة الى حالة التحرر والاستقلال الذاتي ورفض الولاء للمذهب الديني الذي ولد عليه والحزب الذي يدعي تمثيل هذا المذهب أمور صائبة ومطلوبة.فهنالك الكثير من الأشخاص يبقون على هذه الحالة لأنهم لم يصلوا الى درجة متقدمة من العلم والثقافة ولم يستعملوا العقل والارادة الفرديين بل يخضعون للمعتقدات الجماعية الجاهزة والعواطف الجماعية والمصلحة المادية، ويظهرون الولاء والتبعية للطائفة والعشيرة والحزب عبر الشكل والمضمون والمظهر والشعارات والأناشيد واللطميات التي تقدم الولاء والتقديس لأشخاص بشريين والحزب بدلا”من أن يكون الولاء والتقديس لله وحده.وهذا ما يسمى دين الطوائف والأحزاب والمظاهر والمناسبات بدلا”من الدين الحقيقي الذي يشعر الانسان بالراحة النفسية والحرية والاستقلال والكرامة والعدالة.
العبادة شيء والمناسبات والمظاهر المذهبية الطائفية والحزبية شيء اخر،حتى حرية العبادة مشروطة بعدم ازعاج الاخرين والاضرار بهم والتعدي على حدودهم وملكياتهم،فكيف بالمناسبات المذهبية الطائفية التي لاتتقيد بالمفهوم الحقيقي للحرية،ويسلك المشرفون عليها والقائمون بها طريق التسلط والازعاج والاستفزاز والفوضى والاهانة عبر فرض المعتقدات والاراء والشعارات والأناشيد واللطميات والاستعراضات على الاخرين والتعدي على الحدود والملكيات.وكل هذه الأمور لاتندرج ضمن العبادة والاجلال لله وحده بل تندرج ضمن تقديس أشخاص بشريين والولاء لهم ولحزب معين و”زعيم”معين!!!
كفوا عن أوهام السيطرة والأمبراطوريات المذهبية الطائفية،فالوضع النفسي والعصبي والاقتصادي والاجتماعي لايتحمل هذه الأوهام والضغوط والأعباء.لاتتعاملوا مع الناس كلهم كأنهم قطيع لكم.واعلموا أن القفز فوق النخبوي المستقل الذي طلق التأثر بكم والتبعية لكم منذ فترة طويلة من الزمن لن يؤمن لكم السيطرة والنفوذ وان شعرتم بوجودهما.
الزمن لايقبل الجمود والبقاء على الحالة الأولى،والتغير والتطور يعنيان المزيد من التحرر والاستقلال والاعتماد على العقل والارادة الفرديين وليسا العودة الى الوراء والماضي والبقاء في التاريخ وخاصة الديني والمذهبي واستحضاره واحياءه.
أسامة اسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى