المقالات

حكومة برأسين… مصيرها الغرق…\كتب الإعلامي د. باسم عساف

  *السياسةاللبنانية..تسير عكس التيار ، أكان بحرياً أم هوائياً أم أرضياً أم سياسياً... وجميعها تعترض ما هو واقعي.. وما يحافظ على قوانين الطبيعة والبشرية وتسيير الدول والمجتمعات...*
  الساسة اللبنانيون يسيرون وفق منهاج قد وُضع لهم كالدفع المسبق لبطاقات التشريج ، لذا نراهم يطبقون التعليمات والتوجيهات كما هي مرسومة بدقة ولا يحيدون عنها قيد أنملة أمام الأسياد ..
  *وهي موزعة عليهم بنص واحد وبأدوار متعددة ، حسب السيناريو الموضوع لكل مرحلة من مراحل الحياة السياسية التي تدور على الساحة اللبنانية أمام الشعب ، وهي كما تدور المسرحية على خشبة المسرح بين الممثلين ولكلٍ منهم دوره في الفصول المتعاقبة أمام الجمهور ، ومنهم البطل ، ومنهم الخائن ، ومنهم الكومبارس ومعهم المخرج والمنتج وباقي العاملين لنجاح المسرحية ...*
  وجميعهم يعملون في مسرحية واحدة، والكل يعمل على إنجاحها من خلال إتقان دوره والقيام به على أكمل وجه ، لأجل أن ينال ويقبض أجرته...
  *فلنعكس الأمر على العهد والدولة والحكومة ، وحتى مجلس النواب والكتل التي تتوزع الأدوار وتتناغم بالسيناريو أمام جمهورها من الأتباع والمحاسيب والأنصار التي تتوزع المحاصصات والمساعدات والمشاريع المطلوبة لخدمة المواطنين ككل ...*
    ولكنها تبقى عند طبقة السياسيين وأتباعهم وعائلاتهم ، وقد باتوا جميعاً مرتزقة هذه المسرحية فإتصفوا بمنظومة الفساد والإفساد..
    *حيث نهبوا الخيرات...تحت شعار المبرات...ونشروها بكل القارات...وفتحوا بها الكارات...حتى الفنادق والبارات ... لتزيدهم من الجنيهات والدولارات ...فلا يعرفون معها الخسارات ... لذا يكثرون من الزيارات... حتى يحددون المسارات... ويتفاهمون بالإشارات... بما يزيدهم من إنتصارات...وما يقابل الشعب من مضارات... ليمعن في حرق الإطارات...ويكثر من المظاهرات...ويطلق البذيئ من الشعارات...فيواجه بهجومات من الغارات ...فيما هم بملهاة تحصيص الوزارات ...ويتناغمون بأعلى العيارات... بين عزمٍ وأملٍ وإنقاذٍ للعبارات...*
  هكذا ظهرت حكومة معاً للإنقاذ... على أنقاض حكومة العزم والأمل...وكأن البيان الوزاري متعلق بالشعارات والعناوين دون المضمون الذي بان بالإجتماع الأول لها ، حيث ظهر علناً شعار *(كل مين إيدو إلو )* وخاصة مع طرق يد الرئيس على الطاولة ليقول : *(أنا أو لا أحد )...* وكأنه يقول : *الأمر لي..*
*حيث إعتاد عليها عندما كان قائداً للجيش... (ومن شب على شيء ' شاب عليه) . ..*
  خاصة أنه وفريق عمله ومستشاريه وعائلته وأصهاره ، قد أخذوا عهداً على أنفسهم ، طالما أنهم يتولون أمر القصر ، فلا مجال لتطبيق الدستور وما تقضي القوانين المبنية على نتائج مؤتمر الطائف ، والصلاحيات التي باتت من مسؤولية رئيس الحكومة ، ومجلس الوزراء حيث بات هو مؤسسة السلطة التنفيذية ، التي تتحمل المسؤولية أمام مجلس النواب كسلطة تشريعية ، يحاسبها وكل وزير ينحرف عن البيان الوزاري والدستور...
  *نعم ...حامي الدستور هو صاحب الفخامة ، وهو يمتلك صلاحية عليا لأنه فوق المحاصصات وفوق الكتل النيابية والوزارية... لأن الرئآسة الثالثة تعمل على أساس فريق العمل لإنتاج البرنامج الوزاري الذي ستحاسب عليه...وتنال الثقة على أساسه...وهذا الفريق له رأس واحد وجسد واحد ...*
  فكيف؟؟؟ ومن أين؟؟؟

أتت التفسيرات التي تعطي الكتل حسب الأعداد والأرقام والحصص بالإستنساب والمصالح ومراكز القوى …وكأن الحرب الدامية بالشعارات والإملاءآت تدخل معترك الساحة الحكومية للمبارزة بمن هو أقوى … ويعلي أحدهم الصوت لينال القرار المناسب لتعليماته…وإلا…!!! فالإنسحاب ..ولا حكومة..
أين الدستور …بل أين برنامج العمل ..بل أين فريق العمل …بل أكثر من ذلك.. أين البلد ولبنان أولاً ..!!!!! وهل الحكومة برأس واحد أو رأسين ، لمن يقودها الى شاطئ الأمان ؟؟؟
بل الحكومة تنعقد في سوق قصر عكاظ ..ليتبارون بالمديح والهجاء !!!!
بل أين الرئآسة الأولى التي تشترط إنعقاد الحكومة في القصر الجمهوري لترؤسها ولأخذ الصُوَر دون عِبَر ، ولا حماية للدستور في إجتماعاتها وإتخاذ قراراتها حيث السائد فيها (القوي بقوته) والفارض نفسه بقوته الخارجية… هو الذي يملي عليهم القرارات الداخلية…
هذا الوصف ليس من الخيال …أو في الأحلام التي تراود الطامعين ، والطامحين ، ولكنها كانت بائنة من أول إجتماع للحكومة …وما تلاه الى أن وصلنا بالعمر القصير لها الى مأزق العودة الى ما قبل الطائف …
بل الى أيام الأحداث المشؤومة التي يجمع اللبنانيون على عدم عودتها لما ذاقوا منها مرارة شظف الحياة المقرفة ..والسنوات العجاف التي حصدت مئآت الآلاف ظلماً وعدواناً للبنان واللبنانيين…
وقد عادت الذاكرة من مشاهد مريبة أو مدبرة …حيث لا غرابة في ذلك حين نعلم ونجد أن القائمين بها حالياً ، هم أنفسهم من قام بالأحداث السابقة التي إفتكر الجميع أنهم إتعظوا أو تابوا من أفعالهم الشنيعة التي إرتكبت حينها …
وأن الطائف قد أغلق عليها الحجر وخمدت الى غير رجعة…ولكننا نعود ونقول : (من شب على شيء شاب عليه) أو نقول : ( عادت حليمة لعادتها القديمة ) …
من هنا كان شعار الإنتفاضة بالتغيير في مكانه الصحيح ، حينما أطلق ليردد : (كلن يعني كلن) حيث الفساد قد شملهم جميعاً وأعطى النتائج الباهرة بأقل من يومين ليعيدنا الى أربعين سنة مضت من الجنون والفتون ..
لنعود الى القول : أن هؤلاء يمثلون علينا ..ولا يمثلوننا… وقد إنطلت على هذا الشعب المسكين أو الصابر البسيط ، وعودهم العرقوبية والوردية التي كانوا ينادون بها عندما تقضي مصالحهم بذلك وهي مغلفة بشعارات : الوحدة الوطنية …والعيش المشترك ..ولبنان يطير بجناحيه…
وإذ بنا نرى على أرض الواقع أن : الوحدة الطائفية… والعيش المفبرك …ولبنان يطير من جناحيه…
العهد القوي… قد أعاد منطق القوة لتسود الشارع على أنغام طائفية ومذهبية بغيضة…لم يعرف اللبنانيون كيف تخلصوا منها ، وأنهوا مداراتها ومساراتها وقدراتها…
ليعود مع العهد القوي منطق الشعبوية.. وإسترداد الصلاحية ..والأساليب التمايزية.. التي أودت الى الأحداث الدموية.. وأدخلت لبنان في خارطة التسوية الشرق أوسطية…والتي تهدف الى الشرذمة التقسيمية… بإخراج وتقسيمات صهيونية…وبإنتاج مطابخ دولية…على موائد الأيتام الإقليمية…لتشبع بطون الأنظمة العربية…
قلناها مراراً ..وبكل النوايا الحسنة والنصائح الأخوية الشفافة لرئيس الحكومة ، بما فيها صلاحياته المعتدى عليها دستورياً.. بأن كرة النار واللهيب ..تبدو شرارتها مع الأسلوب المعتمد بالتكليف والتأليف.. لهذه الحكومة ، وما سبقها من تكليفات وتشكيلات ..وما يعتريها من نوايا مستترة ، وما يحرك من وراء الكواليس ..ما هي إلا قنبلة موقوتة…تنفجر مع كبسة الزر ، التي تمتلكها اليد السوداء ، والتي تخفي أوامر التفجير ، حين تأتي الإشارة وفق القرار الدولي الذي ينفذ الرغبات والمصالح العائدة لهم ، على حساب المنطقة ولبنان وكل الأتباع ، الذين ينفذون الرغبات طوعاً لا كرها ، حتى ينالوا الأجرة ، قبل أن تأتيهم النجرة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى