المقالات

الا حفظ الله الجزائر l المحامي عبدالله الحموي

شاعِرٌ مُضرج بدمائه، يبحث في زَنزانَةِ الأسر عن قلم وورَقَة يَبُثُ بها اوجاعَه . يَتَخِذَ مِن سبابته ريشةً، يَغمِسها في دم التعذيب. يزين الجدرانَ بقصيدة حَمَلَت في توعدها والوعيد ما أعجز تحصينات السجن عن منعها من الخروج. لتسابق كلماتها الريح فتدخل القلوب دون استئذان.تصبح نشيداً للبلاد.

تهب نسائِمُ الحُرية فتحرض كروم عِنَب أبت عناقيدُها أن تذهبَ للخمور. فلا مكان للخَمرَة في بلاد الطٌهر. على الفرنسي أن يفيق من سكرة استمرت عقوداً وعقود.أن يخرج من نعيم ليس له. زمن الأحلام قد ولى وجاء وقتُ الكوابيس. هي قيامة ليست بالقيامة. قيامة بلد آخر شمسه خدرُ الأكاذيب. لكن، اليس الصبح بقريب ؟؟

يُعري الأكاذيب بقعة دماء. يفقد الفرنسي توازئة والأعصاب. يتعرى من بقية إنسانية تمسكاً بمَنظومة ظلم وأنانية. كم ظنت ” الأقدام السوداء” أن رقم مليون كفيل بتمديد مأساة الوطن قروناً وقرون حتى غرقت في بحر من الأوهام قبل أن تصحو على واقع تحول سهول القمح الى رمال متحركة وامتناع آبار الغاز عن مد الاحتلال بتلال الذهب. ها هي جبال “الأوراس” تخلع عنها ثوب البياض لترتدي حلة البارود. من هنا انطلقت الرصاصة الأولى لتجوب ارجاء الوطن. تَمُرُ فوق “وهران” تُجَدِدً ” خنق النطاح” الأولى والثانية وغيرها من انتصارات “الأمير”. دون أن تخط رِحالَها في ” حي القصبة” الذي دانت له البراكين ليُشرع ابواب جهنم لكل مستوطن وحركي: إنه الجحيم.” يا فرنسا قد مضى وقت العتاب”.

ليشحذ “ميتران” مقصلته قدر الإمكان، وليتفنن السفاح ” بيغار” بابتكار اساليب تعذيب صَفقت لها ” “باريس” دون أن تخطر على بال ” إبليس”. وليتحول كل مستوطن الى مجرم. فلا يوقفُ الإجرام عقارب الزمن أو يعيده الى الوراء. هي معركة غير متكافئة: الحق في مواجهة الباطل.اصحاب الحق قالوا كلمتهم ” قد ثرنا فحياة أو ممات”.

المقصلة تئِنُ وجعاً. اعضلها رأس شهيد يطلق النار من القبور. الزيت المغلي صار برداً وسلاماً . الحجر والشجر في “الجزائر” ينادي: ” يا جزائري يا ابن “عبد القادر”، هذا مُستَوطِنٌ ورائي .. تعال فاقتله” . “يا فرنسا إن ذا وقت الحساب”. فأين المفر لكِ إلا السفن؟؟ وما مثلكِ من يحرق السفن.

ها هي سفن العار تغطي مياه “الجزائر” و” ووهران”. تتسابق على حمل أسفل بني البشر الى بلاد الشر. لتطوي صفحة العذاب كما يطوى الكتاب. وليصدَح نشيد ” مفدي زكريا” فيصبح لسانُ حال كل امرئ ينشد الحُرية. قد آن “لابن باديس” أن يقر عيناً. قد آن لجثمان “الأمير” أن يودع مفخرة “بني أمية” ليلتحف بِتراب الوطن. هذا نزر من التاريخ يسير, تاريخ كتبته الدماء. لحاضر يحمل البشائر . الا حمئ الله ارض الأحرار. الا حفظ الله الجزائر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى