التحقيقات

حل الأزمة بمعالجة أسبابها لا اعادة أسبابها

الأزمة المفتعلة الحالية والأزمات السابقة في لبنان هي لأجل السياسة الانية وغاياتها التي تختصر بالزعامة والمناصب والانتخابات والشعبية وحصص “السياسيين”والأحزاب ومصالحهم ونفوذهم والدول الكبرى والاقليمية الداعمة لهم ومصالح فئات اقتصادية معينة تتوخى زيادة الملاءة والأرباح المالية والتهرب من الضرائب، وهؤلاء أقدموا على تهريب ودائعهم بالعملة الصعبة الى الخارج دون أن يحذروا من أخطار هذا الفعل على العملة اللبنانية والاقتصاد المحلي ومعيشة الفرد المواطن ذي الدخل المحدود والمنخفض.
لو كان مفتعلو الأزمة من سياسيين وأحزاب ودول خارجية وفئات اقتصادية معينة يريدون حلها بسرعة لفعلوا ذلك منذ البداية،ولكنهم لايريدون حلها بسرعة بل انهم يعيدون أسبابها حيث يبدو بوضوح انشغالهم واهتمامهم بالمناصب وخاصة رئاسة الجمهورية والوزارة والانتخابات والحصص والنفوذ ومصالح الفئات الاقتصادية التي أسهمت في حدوث الأزمة المالية والنقدية والاقتصادية والانمائية واشتدادها.فالذين بأيديهم المناصب والنفوذ والثروات والمداخيل المرتفعة لايحسون بمعاناة الفرد المواطن ذي الدخل المحدود أو المنخفض أو المعطل عمله بسبب الأزمة،وصعوبات حياته ومعيشته مقابل ارتفاع أسعار الحاجات الضرورية أضعافا”مضاعفة بسبب ارتفاع سعر الدولار الأميركي في “السوق السوداء”المعترف به من قبل المسؤولين!!! وخاصة اذا كان هذا الفرد غير تابع لأحد من السياسيين أو الأحزاب أو المجموعات أو غير محسوب له.ولا تقتصر المعاناة والصعوبات على الحالة الاقتصادية والمعيشية بل تتعداها الى الحالة المعنوية والنفسية والاجتماعية،فأصبح الاحترام والتكريم يقدمان لمن يملك المال الوفير أكثر مما هو لمن يملك العلم والثقافة النخبوية والكفاءة والذوق.فلم تكن الأزمات والأحداث التي يفتعلونها ولن تكون لمصلحة المثقف النخبوي المستقل ماديا”واقتصاديا”ونفسيا”ومعنويا”بل هي لأجلهم ولمصالحهم.والحالة العامة السائدة اليوم في هذا البلد هي أشد وطأة وضغطا”على النخبوي المستقل مما كانت عليه قبل الأزمة الحالية.فالحالة الشعبوية والطائفية والعشائريةوالحزبية ازدادت قوة،وازداد الظلم الاقتصادي والاجتماعي والانمائي والفوضى والتفلت،وازداد تراجع قيمة الفرد وحقوقه نتيجة غلبة المعتقدات الجاهزة والجامدة والعواطف المصالح المادية الجماعية على العقل والارادة والعاطفة والمصلحة المادية الفردية.وهذه الحالة تسر مفتعلي الأزمة ومسببيها من سياسيين وأحزاب ومجموعات وفئات اقتصادية معينة ودول خارجية لأنها تجعل الناس محتاجين اليهم ومهتمين بهم وموافقين على قراراتهم وأفعالهم التي لاتحل الأزمة بل توهمهم بأنها حلول للأزمة مثل اعتماد سعر “منصة صيرفة”وزيادة تعرفة الاتصالات ورفع الدعم عن السلع والمواد والخدمات الضرورية
،وتصوير الانتخابات النيابية وتأليف الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية بأنها الحل والمنقذ، فيما أن هذه الأمور تأتي في سياق السياسة الانية ولعبة الزعامة والمناصب والانتخابات والحصص والنفوذ ومصالح فئات معينة،وهي أسباب هذه الأزمة.
عندما تتحول السياسة الى ادارة وتنمية وتحسين أوضاع، تتراجع السياسة الانية ولعبة الزعامة والانتخابات والمناصب والحصص والنفوذ ومصالح فئات معينة،فبدلا”من أن ينصب الاهتمام والانشغال على هذه الأمور، يصبح الاهتمام موجها”الى رفع قيمة الليرة اللبنانية وتخفيض سعر الدولار الأميركي وتثبيته عند حد معين مع مكافحة السوق السوداء وتوحيد سعر الصرف ورفع قيمة الدخل الفردي في القطاعين العام والخاص ليتناسب مع سعر الصرف المعتمد وايجاد فرص عمل ووظائف في مختلف المجالات وتحسين وضع الكهرباء والطرقات،وبدلا”من مخاطبة المعتقدات والعواطف الجماعية ومصالح جماعية لفئات معينة،يصبح الاحترام موجها”الى قيمة الفرد وعقله وارادته وحقوقه،فتكون فرص العمل والوظائف متوافرة للفرد المستقل على أساس العلم والكفاءة والثقافة النخبوية لا على أساس التبعية و”المحسوبية”والانتماء لمذهب وطائفة و”سياسي”وحزب ومجموعة كما الحال اليوم ،ويصبح الاحترام والتكريم للفرد على أساس ما يملك من علم وكفاءة وثقافة نخبوية وحرية واستقلال وذوق لاعلى أساس ما يملك من مال كثير ومظاهر مادية وسطحية وتبعية وولاء لطائفة و”سياسي”وحزب ومجموعة.
أسامة اسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى